والمزني قد نقل هذه المسألة من كتب العراقيين، فأجاب على مذهبهم.
وقيل: صورة مسألة المزني: أن يكون الآمر مأذوناً من جهة البائع في قبض الثمن، أو كان كل واحد من الشريكين مأذوناً من صاحبه في قبض الثمن، فإذا أقر البائع بقبض الآمر: يسقط عن المشتري مطالبة البائع في الثمن، ويسقط عنه نصيبه بإقراره أن وكيله قد قبض، ثم- ههنا- دعوتان؛ كما ذكرنا:
إحداهما: بين البائع والآمر.
والأخرى: بين الآمر والمشتري.
وإذا أجرى الدعوى بين الآمر والمشتري-: حلف الآمر أنه لم يأخذ شيئاً، وأخذ منه خمسمائة، وخلص له، ولا رجوع للمشتري على البائع؛ لأنه يقر بأن الآمر أخذ منه ظلمات وإن نكل الآمر حلف المشتري وبرئ، وأما إذا ادعى البائع على الآمر-: حلف الآمر، وبرئ، فإن نكل حلف البائع، وأخذ منه خمسمائة، ولا رجوع له على المشتري، وإن كان قد نكل الآمر عن اليمين مع المشتري: فله أن: يحلف مع البائع.
ولو شهد البائع للمشتري في هذه الصورة: لم يقبل؛ لأنه يشهد لنفسه على الآمر، فإذا لم يكن الآمر مأذوناً من جهة البائع في قبض الثمن: فبإقرار البائع أن الآمر قد قبضه- لا تبرأ ذمة المشتري عن شيء من الثمن، غير أن البائع لا يمكنه مطالبة المشتري بنصيب الآمر؛ لأنه أقر أن الآمر قد قبض نصيبه، وأنه معزول عن وكالته، بل يأخذ نصيب نفسه بلا يمين؛ لأن قبض الآمر نصيب البائع بغير إذنه- لا يبرئ ذمة المشتري، ثم إذا تخاصم الآمر والمشتري، فادعى المشتري على الآمر القبض، فإن كان للمشتري بينة- أقامها، وبرئ من حقه، وإن لم يكن له بينة- حلف الآمر أنه لم يقبض، فإذا حلف- قال المزني: هو بالخيار بين أن يرجع على المشتري بخمسمائة، وبين أن يشارك البائع فيما أخذ؛ فيأخذ منه مائتين وخمسين، ومن المشتري مائتين وخمسين؛ لأنه ما من جزء من الثمن إلا وهو مشترك بينهما، لاتحاد الصفقة، بخلاف المسألة الأولى، إذا كان الآمر مأذوناً في القبض: لم يكن للبائع أن يشاركه فيما يقبض من المشتري، لأن بزعمه: أنه مبطل فيما يقبض من المشتري، وليس له مشاركته فيما يقر ببطلان يده عليه.
وقال ابن سريج: ليس للآمر أن يشارك البائع فيما أخذ، بل يأخذ حقه من المشتري،