سخاوة، أو شجاعة؛ ألا ترى أنه لو قال لخصمه: أنا مقر لك، لا يلزمه شيء.
ويجوز التوكيل في الدعاوى، واستيفاء الحقوق، وإثباتها، ورد الأمانات، ويجوز في إثبات القصاص، وحد القذف، ولا يجوز في إثبات حدود الله تعالى؛ لأن الحق فيه لله، وقد أمر فيه بالستر والدرء.
ويجوز في استيفاء حدود الله تعالى؛ كالإمام: يأمر من يقيمه، والسيد يوكل من يقيم الحد على مملوكه.
ويجوز في استيفاء القصاص، وحد القذف بحضرة الموكل، وهل يجوز في غيبته؟ فيه قولان:
أصحهما: يجوز؛ كما يجوز في حضرته.
والثاني: لا يجوز؛ لأن الموكل ربما يعفو في الغيبة فيستوفيه الوكيل بعد عفوه، وهو لا يشعر، ولا يمكن تداركه.
والأول أصح؛ كما لو ثبت عليه القصاص بالبينة-: جاز استيفاؤه في غيبة الشهود، وإن احتمل رجوعهم؛ فهل يجوز التوكيل في تمليكه المباحات؛ كإحياء الموات، والاستقاء، والاحتطاب، والاحتشاش، والاصطياد؟ فعلى وجهين:
أحدهما: لا يجوز؛ كالاغتنام، ولأن الملك فيه يحصل بالحيازة، والحيازة من الوكيل؛ فيكون الملك له.
والثاني: يجوز؛ لأنه تمليك مال بسبب؛ كالابتياع، والاتهاب.
ولا يجوز التوكيل في الأيمان، والنذور، والإيلاء، والظهار، واللعان، والقسامة؛ لأنها أيمان شرعت للزجر، وتتعلق بها الكفارة، فلا تجري النيابة فيها؛ كالعبادات: لا يجوز التوكيل في أدائها، ولا تجري النيابة فيها إلا الحج؛ فيجري فيه النيابة؛ لورود الخبر فيه.
ومن مات، وعليه صوم: يصوم عنه وليه على قوله في القديم.
ولا يجوز في تعليق الطلاق، وتعليق العتق، والتدبير، لأنها في معاني الأيمان، وكذلك: لو طلق إحدى امرأتيه لا يعينها، أو أعتق أحد عبديه، فوكل بالبيان والتعيين، أو أسلم عن أكثر من أربع نسوة، فوكل باختيار أربع منهن-: لا يصح.
ويجوز في تفريق الزكاة، والكفارات؛ كما يجوز في أداء الحقوق.