الوصية، فإن غرر الجهالة لا يبطلها، وكذلك غرر التعليق.
فإن قلنا: لا يصح؛ فلو تصرف الوكيل بعد وجود الشرط: يصح؛ لأن الإذن قائم مع فساد العقد؛ غير أنه إن كان قد سمى له جعلاً: سقط المسمى، ويجب أجر المثل؛ كالشرط الفاسد في النكاح: يفسد الصداق، ويوجب مهر المثل.
أما إذا عقد الوكالة في الحال، وعلق التصرف على شرط؛ بأن قال: وكلتك بأن تطلق امرأتي بعد شهر، أو تبيع مالي بعد كذا: يصح التوكيل، ولا يتصرف إلا بعد وجود الشرط.
وكذلك: لو قال: وكلتك بتطليق كل امرأة أنكحها، أو بيع كل عبد أشتريه، أو بإعتاقه- يصح.
أما إذا قال: إذا ملكت فقد وكلتك: فهو تعليق الوكالة.
ولو وكل رجلاً في أمر، ثم خرج الوكيل عن أن يكون من أهل ذلك التصرف؛ بجنون، أو إغماء؛ أو حُجر عليه بالسفه: بطلت الوكالة، وإذا أفاق، أو زال الحجر: لا يعود وكيلاً إلا بتوكيل جديد.
وكذلك: لو مات الموكل، أو جُنَّ، أو أغمي عليه، أو حُجر عليه بالسفه: انعزل وكيله.
ولو أمر عبده بعقد، ثم أعتقه، أو باعه، هل ينعزل؟ فيه وجهان؛ وكذلك لو وكَّل عبد غيره بإذن السيد، ثم أعتقه السيد، هل ينعزل؟ فيه وجهان:
أحدهما: لا ينعزل؛ كما لو أمر زوجته بعقد، ثم طلقها.
والثاني: ينعزل؛ لأنه ليس بتوكيل في الحقيقة، وإنما هو أمر، وكذلك: يلزم امتثاله، وبزوال ملكه سقط أمره عنه.
ولو عزل الوكيل نفسه بعدما قبل الوكالة: ينعزل، ولو عزله الموكل في غيبته: ينعزل قبل بلوغ الخبر إليه، على الصحيح من المذهب.
وفيه قول آخر: أنه لا ينعزل، إلا بعد بلوغ الخبر إليه.
ويجوز بيعه بعد العزل قبل العلم؛ وبه قال أبو حنيفة- رحمة الله عليه- كما أن حكم الفسخ لا يلزم العبد قبل بلوغ الخبر إليه.
والأول أصح؛ بخلاف الفسخ، لأن أمر الشرع وجب امتثاله واعتقاده، فلو ألزمناه حكم الفسخ قبل العلم: أدى إلى تحير المأمور فيما يعمله، أو يعتقده، بخلاف أمر العبد.