والثاني: لا بحط؛ بل نغرمه كمال القيمة، وهو الأصح؛ لأنه صار مضموناً عليه بالقيمة.
ثم الوكيل: إن أخذ الثمن بعدما غرم القيمة: دفع الثمن إلى الموكل، واسترد القيمة.
ولو وكله بأن يشتري شيئاً، فاشترى بغبن فاحش، أو بغير نقد البلد- نُظر: إن اشترى بعين مال الموكل: لا يصح الشراء، وإن اشترى في الذمة: يقع للوكيل، وعليه أداء الثمن من مال نفسه، وإن اشترى بغبن يسير: يتغابن الناس بمثله؛ مثل: إن اشترى ما يساوي عشرة بأحد عشرة: يصح، وإن اشترى باثني عشر: لا يصح.
ولو وكله ببيع شيء، فطلبه رجلان: أحدهما بثمن المثل، والآخر بأكثر: يجب أن يبيع بالأكثر، فإن باع ممن يطلب بثمن المثل: لا يصح، ولو طلبه واحد بثمن المثل، فباع منه، ثم جاء رجل آخر، وزاد عليه- نُظر: إن كان بعد التفرق عن مجلس البيع: لا يرد البيع الأول، وإن كان قبل التفرق: فقد قيل: لا يرد البيع الأول؛ لأن الثاني ربما لا يثبت على الزيادة.
والصحيح من المذهب: أنه يجب أن يرد الأول، ويبيع من الآخر.
فلو لم يبع، حتى رجع الثاني- نُظر: إن رجع قبل التمكن من البيع منه: فالبيع الأول مردود؛ فيحتاج إلى تجديد العقد مع الأول ومع غيره.
وإن عين الموكل زماناً للبيع أو مكاناً أو شخصاً للبيع منه: لا يجوز للوكيل أن يخالفه، فلو عين وقتاً، فقال: بعه في يوم كذا: لا يجوز أن يبيع قبله ولا بعده؛ لأنه قد يكون له حاجة في الوقت الذي عينه، فيوكل ببيعه، لا تكون تلك الحاجة في غيره.
ولو غيَّر المكان، وقال: بعه في مكان كذا، أو في سوق كذا، فباع في غيره- نُظر: إن كان له غرض في تعيين ذلك المكان؛ بأن كان الراغبون فيه أكثر، أو النقد فيه أجود: لا يصح بيعه في غير ذلك المكان، وإن استوى الموضعان: ففيه وجهان:
أصحهما: لا يجوز؛ لأنه خالف أمره، وقد يكون له غرض في تعيينه لا يطلع عليه.
ولو أطلق التوكيل بالبيع: يجب أن يبيع في ذلك البلد، فلو حمله إلى بلد آخر: صار ضامناً؛ لأنه مخاطر بالمال بإخراجه عن البلد، فلو باعه في تلك البلدة: يصح البيع، والثمن مضمون عليه؛ لأنه مخاطر به بمفارقة البلد.