والظاهر من استقراء كلام أهل العلم، جواز الخطأ عليه - صلى الله عليه وسلم - في اجتهاده؛ لأنه لو لم يكن احتمال الخطأ في اجتهاده، لكان مثل الوحي في عدم احتماله.
جوانبُ من اجْتِهَادِهِ صلى الله عليه وسلم
١ - في الأحكام الدينية: قوله - صلى الله عليه وسلم-: "لو استقبلت من أمري ما استدبرتُ لما سقت الهدى"، ويريد النبي به ما ظهر عنده من المشقة عليه ومن تبعه في سوقه الملزم دوام الإحرام إلى قضاء مناسك الحج لما سقته، بل كنت أحرمت بالعمرة ثم أحللت بعد أدائها، كما هو دأب المتمتع؛ فثبت بذلك اجتهاده في الأحكام الدينية.
٢ - في الحروب: قوله تعالى: {عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ}[التوبة: ٤٣] عاتبه الله على إذنه للمنافقين بالتخلف عن غزوة "تبوك".
٣ - في الأمور الدينية: قوله تعالى: {لَوْلَا كِتَابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ ... .}[الأنفال: ٦٨] عاتبه على أخذه برأي أبي بكر الصديق في أخذه الفداء من أسارى بدر، وتركه رأي عمر في التقتيل، وكانت المصلحة الإسلامية تقتضيه.
٤ - في المصلحة العامة: لما قال - صلى الله عليه وسلم- في مكة:"لا يُخْتَلَى خلاها ولا يُعْضَدُ شَجَرُهَا" قال له العباس - رضي الله عنه:"إلا الإذْخر - يا رسول الله - لبيوتنا وقبورنا" فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: "إلا الإذخر".
وهذا منه - صلى الله عليه وسلم- استثناء باجتهاده؛ إجابة للعباس؛ للمصلحة العامة.
اجْتِهَادُ الصَّحَابَةِ في عَصْرِهِ صلى الله عليه وسلم
تروي لنا الآثار وقوع الاجتهاد من الصحابة - رضوان الله عليهم - وقد أقرهم الرسول - صلى الله عليه وسلم- على ذلك وسُرّ بهذا. وقد مَرَّ بنا إقرار الرسول لمعاذ بن جبل حين بعثه إلى "اليمن" ويروى أيضاً أن صحابيين خرجا في سفر، فحضرت الصلاة، وليس معهما ماء