والثاني: ترد إليه بجهة أن له الثمن على من يدعي نكاحها، وتعذر استيفاؤه منه، والجارية له بزعمه، فقد ظفر بغير جنس حقه من ماله؛ فعلى هذا: لا يحل له وطؤها له، ويستوفى حقه من ثمنها، فإن كان الثمن من حقه اتبع من يدعي عليه، وإن كان أكثر: فالفضل للمدعى عليه.
وإن حلف أحدهما، ونكل الآخر: رد اليمين على صاحبه؛ فيحلف ويحكم له ببيانه [فإن] حلف البائع أنه ما زوجها، ولم يحلف المشتري؛ أنه ما اشتراها: حلف البائع لقد اشتراها، ويلزمه اليمين، ولو حلف المشتري ما اشتراها، ولم يحلف البائع ما زوجها: حلف المشتري لقد تزوجها، وحكم له بالنكاح؛ فإن كان من في يده الجارية قد استولدها: فالجارية بزعم المدعي- صارت أم ولد للمستولد: لا يجوز له أخذها، وهل له أن يأخذ من المستولد أقل الأمرين: إما الثمن أو المهر؟ فيه وجهان:
أحدهما: يأخذ؛ لأنه إن باعها منه فيستحق الثمن، وإن زوجها يستحق المهر.
والثاني: لا يأخذ؛ لأن المشتري حلف ألا يمين له عليه، والمدعي يُقر أنه لا يستحق المهر؛ ولأن جهة الاستحقاق، إن ثبتت فتختلف، وعلى الوجهين: يقر للجارية في يد المستولد، ويحكم بحرية الولد، لأن بزعم المدعي أنها أم ولد، والولد حر، ويحل في الباطن لمن في يده وطؤها، وهل يحل له وطؤها في الظاهر؟ فيه وجهان:
أحدهما: يحل له؛ كما في الباطن.
والثاني: لا يحل؛ لأنه لا يدري أنه يطأ منكوحة أو مملوكة؛ كما لو اشترى زوجته بشرط الخيار: لا يحل له وطؤها في زمان الخيار؛ لأنه لا يدري أنه يطأ منكوحة أو مملوكة، وعلى من تجبُ نفقتها؟ إن قلنا: يحل له وطؤها: فعليه نفقتها، وإن قلنا: لا يحل- فقولان:
أصحهما: يكون في كسبها؛ لأنا حكمنا بأنها أم ولد لمن في يده؛ فلا يمكن إيجابها على البائع.
والثاني: يكون على البائع؛ لأنها كانت عليه؛ فلا يسقط عنه بزعمه، ويجري التوارث بين الولد والوالد.
أما الجارية: إذا ماتت قبل موت المستولد: ماتت قنَّة، فإن تركت مالاً من كسبها، فللبائع أن يأخذ الثمن منه؛ لأن- بزعم المستولد-: أنها كانت مملوكة للبائع، وجميع ما تركت له، وبزعم البائع: أنه للمستولد، وهو يستحق عليه الثمن، فيأخذ الثمن، والفضل يكون موقوفاً؛ لأنه لا يدعيه أحد.