قال الشيخ- رحمه الله-: إن كان له وارث آخر، فأقر به: هل يثبت نسبه؟ فيه وجهان:
أحدهما: يثبت؛ لأنه صار جميع الميراث له.
والثاني: لا يثبت؛ لأن الجاحد أبطل حُكم النسب بالجحود، كما لو نفى الأب نسبه باللعان، أو جحد نسباً، فنفاه عن نفسه: لم يجز لوارثه استلحاقه.
ولو مات عن ابن، فأقر لرجلين أنهما أخواي، وصدق كل واحد صاحبه: يثبت نسبهما، فلو أنهما تكاذبا، وأنكر كل واحد نسب الآخر: هل يثبت نسبهما؟ فيه وجهان:
أصحهما: يثبت؛ لوجود الإقرار لهما ممن يجوز التركة.
والثاني: لا يثبت؛ لأنه في الحقيقة إقرار أحد الابنين.
وإن صدق أحدهما صاحبه، وكذب الآخر: يثبت نسب المصدق دون المكذب.
ولو مات عن ابن، فأقر بنسب ابن آخر، وأنكر المقر له نسب المقر: لا يقبل قوله في رد نسب المقر، وهل يثبت نسب المقر له؟ فيه وجهان:
أصحهما: يثبت؛ لأنه أقر به من جاز التركة.
والثاني: لا يثبت؛ لأن- بزعمه- أن المقر ليس بوارث؛ فلا يصح إقراره، ولو مات عن ابن، فأقر بنسب مجهول، ثم هما أقرا بنسب ثالث، وأنكر الثالث نسب المجهول الأول، فنسب الثالث ثابت، وهل يسقط نسب المجهول الأول؟ فيه وجهان:
أحدهما: لا يسقط؛ لأن الثالث ثبت نسبه بإقرارهما؛ فلا يجوز أن يسقط نسب الأصل بالفرع.
والثاني- وهو الأصح-: يسقط؛ لأن الثالث يثبت نسبه، فاعتبر إقراره في ثبوت نسب الثاني، ولو أقر الابن الوارث بنسب أحد التوءمين: يثبت نسبهما؛ لأن التوءمين لا يتفرقان في النسب، فإن أقر بهما، وكذب أحدهما الآخر: لم يؤثر التكذيب في نفي نسبهما.
هذا كله كلام في النسب.
أما الميراث: فهل يثبت للمقر به؟ نظر: إن كان المقر به لا يحجب المقر عن الميراث: يرث معه؛ كالابن يقر بابن آخر للميت، أو ميت يشاركه في الميراث، وإن كان يحجبه: فلا يرث: مثل: إن مات رجل عن أخ أو عم أو معتق، فأقر بابن للميت: يثبت النسب، ولا يثبت الميراث؛ لأنا لو ورثناه: صار المقر محجوباً، وإقرار المحجوب