أما إذا حبس المالك عن ملكه، حتى هلك ماله: لا يضمن؛ لأنه لا صنع له في المال؛ كما لو أتلف طعام المضطر حتى مات جوعاً: ضمن الطعام، ولم يضمن النفس؛ لأنه لا صنع له في النفس.
وإذا غصب شيئاً، ثم رده كذلك، لم يتغير؛ ولم يمض زمان لمثله أجرة: لا شيء عليه، وإن أمسكه زماناً لمثله أجرة: يجب عليه أجر مثل ذلك الزمان؛ سواء استعمله أو لم يستعمله.
وعند أبي حنيفة- رحمة الله عليه-: منافع الغصب غير مضمونة، ولا يضمن المنفعة عنده إلا بعقد أو شبهة عقد.
وعند مالك- رحمة الله عليه-: إن استعمل ضمن أجر المثل، وإلا فلا.
فنقول: المنفعة إذا ضمنت بشبهة العقد، وهو أن يستأجر شيئاً إجارة فاسدة: وجب أن يضمن بالغصب، كالعين، بل هذا أولى؛ لأن العقد يصدر عن الرضا، والرضا سبب لسقوط الضمان، ثم لم يسقط به ضمان المنفعة، فالغصب الصادر عن عدم الرضا أولى ألا يسقطه.
وإذا تلفت العين المغصوبة في يد الغاصب، أو أتلفها: يجب عليه المثل، إن كان مثلياً، وإن كان متقوماً: فالقيمة.
وإنما أوجبنا المثل في المثلي؛ لأن إيجاب المثل رجوع إلى المشاهدة والقطع،