وإن خلط بأردأ؛ مثل: إن كانت قيمة المغصوب درهمين، فخلط بمكيلة زيت، قيمته درهم.
فإن قلنا: ماله مستهلك بالخلط: يجب على الغاصب مثل زيته من غيره، ويجبر المالك على قبوله، وإن قلنا: غير مستهلك: يكون شريكاً فيه؛ فيباع ويقسم الثمن بينهما على قدر قيمة ملكيهما.
ولو أخذ المالك مكيلة زيته منه: هل له أن يأخذ أرش النقصان أم لا؟ إن قلنا: ماله مستهلك: ليس له ذلك؛ لأنه رضي بالأردأ؛ كما لو أعطى صاعاً رديئاً من موضع آخر، ورضي به، وإن قلنا: ماله قائم: فله أن يأخذ أرش النقصان.
ولو غصب دقيقاً، فخلطه بدقيق له.
قال ابن سُريج: الدقيق مثلي؛ لأن تفاوته في النعومة والخشونة: ليس بأكثر من تفاوت الحنطة في صغر الحب وكبره؛ فعلى هذا: حكمه حكم الحنطة يخلطها بحنطة أخرى، والصحيح: أن الدقيق متقوم؛ لأنه لا يجوز بيع بعضه ببعض؛ فعلى هذا: فيه وجهان:
أحدهما: يلزمه قيمته؛ لأنه صار بالخلط مستهلكاً.
والثاني: يكون الدقيق مشتركاً بينهما؛ فيباع ويقسم الثمن بينهما؛ كما ذكرنا فيما لو خلط الزيت بالزيت.
أما إذا خلط المغصوب بغير جنس حقه- نُظر: إن أمكن التمييز بينهما؛ مثل: إن خلط الحنطة بالشعير، أو بالدرة: يجبر على أن يميز، ويرد المغصوب؛ وكذلك: لو غصب حنطة بيضاء، فخلطها بحنطة سمراء: يجب عليه التمييز، وإن شق عليه، وإن لم يمكن التمييز؛ مثل: إن غصب زيتاً، فخلطه ببانٍ أو دقيق حنطة فخلطه بدقيق شعير: فماله مستهلك؛ يجب عليه؛ مثل: زيته وقيمة دقيقه.
ولو غصب زيتاً فنجَّسه: يجب عليه رد مثله، والمالك أولى بالاستصباح به؛ كمن غصب شاة، فماتت في يده غرم قيمتها، والمالك أولى بدبغ جلدها.
ولو صُب في الزيت ما أمكن التمييز: عليه أن يميز، ويغرم ما يدخله من النقص، وإن لم يكن: فهو كما لو خلطه ببانٍ.