للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقال في القديم- وبه قال مالك- رحمة الله عليه-: الشفعة للأخ دون العم؛ لأن الشفعة مبناها على القرب، والأخ أقرب، لأن الأخوين ملكا بسبب واحد، وهو الإرث عن الأب، أما العم فميراثه عن الجد، ولأن للأخ اختصاصاً ليس للعم من حيث إن دين الميت يتعلق بنصيب الأخوين دون العم؛ فلهذا لو عفى الأخ، هل تثبت للعم؟ فيه وجهان:

أحدهما: بلى؛ لأنه شريكه.

والثاني: لا؛ لأن العقد لم يثبته.

ولا يختص القولان بالإرث، بل كل شريكين حصل الملك لهما بجهة، وحصل لشريك الآخر بجهة أخرى، فباع أحد اللذين ملكا بجهة واحدة نصيبه: هل للذي ملك بجهة اخرى شركة في الشفعة؟ فيه قولان؛ مثل إن كانت دار بين رجلين، باع أحدهما نصيبه من رجلين، ثم أحد المشتريين باع نصيبه، هل تثبت الشفعة لهما أم تختص بما اشترى معه؟ فعلى القولين؛ في الجديد- وهو المذهب-: يثبت لهما.

فصلٌ [في هل يبطل حق الشركاء في الشفعة إذا عفا واحد منهم]

دار بين أربعة نفر، باع واحد منهم نصيبه: ثبتت الشفعة للشركاء، فلو عفا واحد منهم: سقط حقه، ولا يبطل حق الآخرين، على ظاهر المذهب، وليس للآخرين إلا أخذ الكل أو ترك الكل؛ وكذلك: لو عفا اثنان ليس للثالث إلا أخذ الكل أو ترك الكل، ولو جعل بعضهم نصيبه لبعض الشركاء: لم يصح؛ بل يكون لجميعهم؛ لأن ذلك عفو ليس بهبة، فلو كان واحد منهم حاضراً، واثنان غائبان: فالحاضر بالخيار بين أن يأخذ الكل ويترك الكل، وليس له أخذ الثلث؛ لأن صاحبيه إذا حضر ربما لا يأخذان؛ فيتفرق الملك على المشتري، فلو أخر الحاضر أخذه على حضور شريكه: هل يبطل حقه بهذا التأخير؟ فيه وجهان:

قال ابن أبي هريرة: يبطل؛ لأنه أخره مع إمكان الأخذ.

وقال أبو إسحاق: لا يبطل؛ لأنه أخر لغرض صحيح، وهو خشية أن يقدم الغائب، فينزعه من يده، فإذا أخذ الكل، ثم حضر الثاني: يأخذ منه النصف؛ كما لو لم يكن إلا

<<  <  ج: ص:  >  >>