وإن كان عرضاً: قال أبو إسحاق: إن مات رب المال، والمال عرض: جاز لوارثه أن يترك العامل على القراض، فيقول له: تركتك أو أقررتك على ما كنت عليه في حياة أبي، وإن مات العامل: لم يجز لرب المال أن يترك وارث العامل على القراض؛ وفرق: بأن الأصل في القراض المال والعمل، وإذا مات رب المال: فالمال قائم، والعامل حي؛ فجاز تقريره على العمل، وإذا مات العامل: فقد بطل العمل؛ فلا يمكن بناء عمل وارثه عليه.
والمذهب: أنه لا يجوز، سواء مات رب المال أو العامل؛ لأن العقد قد انفسخ بالموت؛ فلا يمكن المقام عليه إلا باستئناف عقد جديد، والمال عروض؛ لا يجوز استئناف عقد القراض عليها؛ فهو كما لو فسخاً القراض في حال الحياة، والمال عرض لا يجوز المقام على العقد [المفسوخ، ولا ابتداء العقد على العقد].
وقول الشافعي- رضي الله عنه-: "فإن مات رب المال-: صار لوارثه، فإن رضي-: تُرك المقارض على قراضه"- أراد به: إذا كان المال ناضاً، واستأنفا العقد؛ فيجوز، فإن كان المال ناضاً، وأراد استئناف القراض: فإن كان المال ربح: ينبغي أن يأخذ رب المال أو وارثه نصيبه من الربح، ثم يستأنفان القراض على الباقي، وإن كان فيه خسران، فشرط أن يجبر الخسران بتصرفه: لم يجز، وإن كان فيه ربح، وعقد القراض قبل أخذ العامل نصيبه من الربح؛ مثل: إن كان مال المورث ألفاً، ورحب العامل عليها ألفاً، وقد شرط له نصف الربح؛ فرأس مال الوارث ألف وخمسمائة، فعقد القراض على ماله قبل إفراز نصيب العامل: صح، وكان رأس ماله ألفاً وخمسمائة مشاعاً، ويجوز القراض على المشاع؛ كما يجوز على المفرز.
ولو قارض رجل في مرض موته على أكثر من أجر مثل عمله؛ بأن قارضه على النصف، وأجر مثل عمله الثلث: لا تعتبر الزيادة من الثلث؛ لأن الذي يعتبر من الثلث ما يخرجه من ماله، والربح ليس من ماله، إنما يحصل بكسب العامل؛ وكذلك: يقدم حق العامل على الدين والوصايا؛ بخلاف ما لو ساقى إنساناً في مرض موته، وشرط للعامل أكثر من أجر مثل عمله: يعتبر من الثلث؛ على أحد الوجهين؛ لأن الثمن يحصل من غير الثمرة التي هي ملك المريض؛ فكأنه يخرجها من ملكه.
فصلٌ في فسخ القراض
إذا فسخا أو أحدهما عقد القراض: لم يكن للعامل أن يشتري بعده به شيئاً، ثم