وهل يجوز أن يؤاجر الشيء أكثر من سنة؟ نص- ههنا- على أن له أن يؤاجر [داره و] عبده ثلاثين سنة.
وقال في موضع لا يجوز أكثر من سنة، وقال في موضع آخر: له أن يؤاجرها ما شاء؛ خرج من هذا: أنه هل يجوز أكثر من سنة؟ فيه قولان.
أصحهما: يجوز، بدليل قصة شعيب مع موسى، عليهما السلام؛ قال:{عَلَى أَنْ تَاجُرَنِي ثَمَانِيَةَ حِجَجٍ}[القصص: ٢٧]، وكالآجل في الديون: يجوز ما شاء؛ ولأن المنافع كالأعيان في أنها تضمن بالعقد الصحيح والفاسد، ثم الجمع بين أعيان كثيرة في العقد: يجوز؛ كذلك المنافع.
والثاني: لا يجوز أكثر من سنة؛ لأنه عقد على معدوم جوز لمسيس الحاجة إليه، والحاجة تزول سنة واحدة.
فإن قلنا: يجوز أكثر من سنة، فكم يجوز؟ اختلف أصحابنا فيه:
منهم من قال: ثلاثون سنة، ولا يجوز أكثر؛ لأنها نصف عمر الإنسان في الغالب.
ومنهم من قال: يجوز ما شاء.
وحيث قال: ثلاثون سنة: لم يُرد به التحديد، بل أراد لامبالغة في التكثير.
ومنهم من قال: يجوز قدر بقاء ذلك الشيء غالباً؛ فإن كان ثوباً: فسنة، وإن كانت دابة: فعشر سنين، وإن كان عبداً: فثلاثين سنة، وإن كان عقاراً: فما شاء، وإن لم نجوز أكثر من سنة: فلا يشترط بيان حصة كل شهر من الأجرة، فإن جوزنا: فأجر أكثر من سنة، هل يشترط أن يبين حصته كل سنة من الأجر؟ فيه قولان:
أصحهما: لا يشترط [كما لو أجر سنة: لم يجب] بيان حصة كل شهر، وكما لو اشترى ثلاثة أعبد صفقة واحدة: لا يجب بيان حصة كل عبد.
والثاني: يشترط؛ لأن المنافع تتفاوت بالأوقات، وربما تتلف العين في خلال المدة؛ فيتنازعان في قدرها: يلزمه، فإن قلنا: لا يجب البيان: توزع الأجرة على لاسنين على أجور أمثالها.