ومن أصحابنا من قال: إن كان متقادم العمارة؛ لم يكن عليه ملك قريب في الجاهلية، بل درست عمارتها، وعفت آثارها: تملك بالإحياء، وإن كان عامراً في جاهلية قريبة، أو بقيت آثار العمارة عليها: فلا تملك بالإحياء، فإن لم نجوز إحياءها: كانت للغانمين، إن قاتلوا عليها، وإن كانت من أراضي الفيء: فلأهل الفيء، وكذلك: هل يجوز نقل التراب عن مثل هذه الأرض؟ إن قلنا: تملك بالإحياء: يجوز لكل من بادر إليه أخذهن وإن قلنا: لا تملك: يحتاج إلى إذن الإمام؛ كما يحتاج في تملكه بالإحياء إلى إذنه.
ولو أن ذمياً أحيا مواتاً في دار الإسلام: لا يملكه، وعند أبي حنيفة:[يملكه]، والحديث حجة عليه؛ لأن النبي- صلى الله عليه وسلم- قال:"موتان الأرض لله ورسوله، ثم هي لكم مني أيها المسلمون"؛ خص المسلمين به أهـ.
أما إذا احتطب الذمي في دار الإسلام، أو احتش، أو اصطاد: لا يمنع منه.
ولو نقل التراب من موات دار الإسلام؛ فإن كان تبين ضرره على المسلمين: منع منه؛ وإلا فلا يمنع.
ويجوز للإمام أن يقطع موات الأرض لمن يحييه، فيملكه.
روي عن علقمة بن وائل، عن أبيه؛ أن النبي- صلى الله عليه وسلم- أقطعه أرضاً بحضر موت وروي عن ابن عمر؛ "أن النبي- صلى الله عليه وسلم- أقطع الزبير حضر فرسه، فأجرى فرسه حتى قام، ثم رمى بسوطه، فقال: "أعطوه من حيث بلغ السوط".
وإذا أقطع إنساناً شيئاً لا يقطعه إلا ما يقدر على إحيائه، حتى لا يدخل الضرر على المسلمين.
ومن أحيا مواتاً: ملكه وملك حواليه ما يحتاج إليه مما يصلح به العامر من الطريق ومسيل الماء وغير ذلك من المرافق، حتى لو أحيا قرية: يملك حواليها ما يكون مرافقها: من مرعى البهائم، ومطرح الرماد، وملقى السماد، وملعب الصبيان.