والثالث: للواقف؛ كأنه بالوقف حبسه على حكم ملكه؛ ولذلك سمي حبساً، وهذا ضعيف، وبعضنا ينكر هذا القول.
وإذا وقف على مسجد، أو رباط، أو على جماعة غير متعينين: يلزم من غير قبول.
فإن قال: جعلت هذا المكان مسجداً: لا يصير مسجداً؛ لأنه لم توجد ألفاظ الوقف؛ تفرد القاضي بهذا الفرع.
فإن قال: جعلته للمسجد: فهو تمليك للمسجد، ويشترط قبول القيم وقبضه؛ كما لو وهب لصبي شيئاً: يشترط قبول قيمه.
ولو وقف عليه: يلزم بلا قبول.
ومن أصحابنا من قال: إذا وقف على رجل معين، أو على جماعة معينين بشرط قبولهم، ويرتد بردهم.
قال الشيخ- رحمه الله- ويحتمل ألا يشترط قبولهم، ولا يرتد بردهم؛ لأنه بمنزلة عتق العبد، والعتق لا يرتد برد العبد، والعتق لا يرتد برد العبد، ولا قبوله شرط، وهذا هو الأصح عندي خصوصاً على قولنا: إن الملك من رقبة الوقف يزول إلى الله، عز وجل.
ونفقة العبد الموقوف تكون في كسبه، إن كان كسوباً، وإن لم تكن له كسب على من يجب؟ يبنى على أقوال الملك؛ إن قلنا: الملك للموقوف عليه: فنفقته عليه، وإن قلنا للواقف: فعليه إن كان حياً، فإن مات، أو قلنا: زال الملك إلى الله تعالى: فنفقته في بيت المال؛ كما لو أعتق عبداً، ولا كسب له: تكون نفقته في بيت المال، ولا تجب فطرته على [أحد، على] الأقوال كلها؛ كما لو اشترى قيم المسجد للمسجد عبداً: تكون نفقته في غلة المسجد، ولا تجب فطرته على أحد؛ بخلاف ما لو وقف نخلة على جماعة معينين: كانت ثمرتها لهم، وعليهم زكاتها؛ لأن الزكاة- هناك- تجب من الثمار، وهي مملوكة لهم، وصدقة الفطر: تجب في الرقبة، الرقبة غير مملوكة لهم حقيقة ملك.
ولو جنى العبد الموقوف جناية موجبة للقصاص: فللمجني عليه أن يقتص: فإن عفا على مال، أو كان موجباً للمال؛ فلا يمكن بيعه في الجناية- فعلى من يجب الضمان:
إن قلنا: الملك للموقوف عليه: فعليه أقل الأمرين من قيمته أو أرش جنايته، وإن قلنا: للواقف: فعليه، وإن قلنا: زال إلى الله تعالى: فعلى ثلاثة أوجه: