وعن أبي بن كعب: أنه وجد صرة فيها مائة دينار، فأمره النبي صلى الله عليه وسلم- أن يستمتع بها بعد التعريف، وكان أبي من المياسير، ثم بعد التعريف، بماذا يحصل له الملك؟ فيه وجهان:
أحدهما: بعد التعريف: تصير ملكاً له؛ لما روي عن عبد الله بن عمرو بن العاص؛ أن رجلاً قال: يا رسول الله، ما نجد في السبيل العامر من اللقطة؟ قال:"عرفها حولاً"، فإن جاء صاحبها؛ وإلا فهي لك". قال: يا رسول الله، ما نجد في الخراب العادي؟ قال: "فيه وفي الركاز الخمس".
فقوله: "هي لك": دليل على أنهي ملك بمجرد التعريف، ولأنه كسب مالاً؛ فلا يشترط في تملكه اختيار التملك؛ كالصيد.
والثاني: وهو الأصح؛ لا يملك إلا باختيار التملك؛ لما روينا في حديث زيد بن خالد: "فإن جاء صاحبها؛ وإلا فشأنك بها"؛ فجعل ذلك إلى اختياره، ولأنه تملك ببدل، فأشبه البيع؛ فعلى هذا:[هل] يشترط أن يذكر بلسانه أم يملكه بمجرد النية؟ فيه وجهان:
أصحهما: يشترط أن يتلفظ به؛ كالتملك بالبيع.
وقيل: لا يملك ما لم يتصرف بعد الاختيار؛ تخريجاً من القراض، وليس بصحيح.
فإن جاء مالكها قبل مضي السنة، والعين قائمة: يجب عليه ردها مع الزوائد المتصلة والمنفصلة.
وإن كانت العين تالفة: لا يجب عليه ضمانها؛ لأنها أمانة في يده قبل التملك.
وإن جاء بعد مضي السنة والتعريف.
فإن قلنا: لا يملك بالتعريف، ولم يكن قد اختار التملك: فعليه ردها بالزيادة المتصلة والمنفصلة؛ كما قبل الحول، وإن كان هالكاً: لا شيء عليه.
وإن قلنا: يملك بالتعريف، أو قلنا: يملك باختيار التملك، وقد اختاره: فقد دخل في ضمانه، فإذا جاء المالك: لا يجب عليه رد عينه، إن كانت قائمة؛ لأنها ملكه، بل إن شاء رد