وفيه قول آخر: أن الأكل لا يجوز، إذا أمكن البيع، ثم بعد البيع: هل يجب التعريف؟ فيه وجهان، والله أعلم.
فصلٌ
المسلم العدل الحر البالغ العاقل: له أن يلتقط، ويستبد بتعريفها وتملكها.
فأما من لم يكن بهذه الصفة: فيبني التقاطهم على أصل، وهو: أن ابتداء اللقطة أمانة، وفيها ولاية من حيث إن الملتقط حفظها؛ كالولي: يحفظ مال الصبي، وانتهاؤها اكتساب؛ فإن الملتقط يملكها بعد التعريف، وأيهما يغلب؟ جهة الأمانة أم جهة الاكتساب؟ فيه جوابان؛ فيخرج عليه التقاط الصبي والمحجور والعبد الفاسق، فإن غلبنا فيه جهة الأمانة: فليس أحد [من] هؤلاء من أهله، فإن التقط الصبي أو المحجور أو العبد أو الفاسق شيئاً، فهلك في يده: يجب عليه لاضمان، ويتعلق برقبة العبد؛ كالغصب، وإن علم به ولي الصبي أو المحجور عليه، فتركه في يده: كان طريقاً في الضمان، وإذا أخذه: يدفعه إلى الإمام؛ ليحفظه لمالكه؛ وكذلك: لو أخذ من الفاسق، ويحفظه الإمام للمالك، هذه طريقة ذكرها الشيخ القفال، رحمه الله.
أما الذي عليه عامة الأصحاب- وهو المذهب-: أن اللقطة [اكتساب] والصبي والمحجور والفاسق كالعدل في جواز أخذها، وفي العبد قولان؛ لأنه ليس من أهل الملك، وتفصيل المذهب على هذا. نقوله في هذا الفصل.
فصل فيمن يجوز التقاطه
إذا وجد الصبي أو المجنون أو المحجور عليه بالسفه لقطة، فأخذها: صح التقاطه؛ لأنه كسب، فيستوي فيه الصغير والكبير والمحجور؛ كالاحتطاب والاصطياد، ولا يجوز لوليه أن يتركه في يده؛ كما لو احتطب أو اصطاد: لا يتركه الولي في يده]. فلو تلفت في يد الصبي: لا ضمان عليه؛ لأنها أمانة في زمان التعريف، ولو أتلفها: يلزمه الضمان، ولو علم به الولي، فتركها في يده، حتى تلفت.
قال الشيخ- رحمه الله-: إذا أتلفها: ضمن الولي للصبي؛ لأنه ثبت حق الملك؛ كما لو احتطب الصبي، فترك الولي في يده، حتى هلك- ضمن له الولي.