لأنه لا ولاية له عليه إلا الكفالة، فإن دفع الأمر إلى الحاكم: يأخذ الحاكم [ماله]، ويضعه عند أمين: يأمره بالإنفاق عليه بالمعروف، فإن قتر: منعه الحاكم من التقتير، وإن أسرف: فقرار الضمان على الملتقط؛ لأن الهلاك على يده، والأمين يكون طريقاً في وجوب الضمان عليه، فإن أقر الحاكم المال في يد الملتقط، وأمره بالإنفاق عليه: نص في "اللقيط" على جوازه، ونص في الضالة: إذا أمر الحاكم الواجد بأن ينفق عليها من مال نفسه: لا يجوز حتى يأخذ المال، فيدفعه على أمين: يدفع إليه بالمعروف، واختلف أصحابنا فيه، منهم من جعل فيهما قولين:
أحدهما: لا يجوز؛ لأن الإنسان لا يجوز أني كون أميناً فيما يقبض من نفسه لغيره؛ كما لا يكون وكيلاً لصاحب الحق في القبض من نفسه.
الثاني: يجوز؛ لأنه أمين على الطفل؛ فيجوز أن ينفق عليه مما في يده من ماله؛ كالوصي؛ ينفق على الصبي من ماله.
ومنهم من فرق بينهما على ظاهر النص، وقال في الضالة: لا يجوز؛ لأنه ينفق الواحد عليها- من مال نفسه؛ فلا يكون أميناً فيما يجب له من الضمان، وهي اللقيط: ينفق عليه من مال اللقيط، وليس غير الملتقط أولى بذلك من الملتقط، ولأن اللقيط لا ولي له في الظاهر؛ فجاز أن يجعل الواجد ولياً له، وأما الضالة: فلها ولي، وهو مالكها، وربما يكون رشيداً لا يولى عليه؛ فلم يجز أني كون أميناً في الإنفاق عليها، وإن لم يكن هناك حاكم- ففيه قولان:
أحدهما: ينفق عليه بنفسه، ويشهد عليه؛ لأنه موضع ضرورة، فإن لم يشهد: ضمن.
والثاني: لا؛ بل يضعه عند أمين: ينفق عليه بالمعروف، فإذا بلغ اللقيط، واختلفا في قدر ما أنفق: فالقول قول الملتقط مع يمينه؛ إن كان ما يدعيه قصداً.
وأما إذا لم يكن للقيط مال: تكون نفقته في بيت المال؛ لما روي عن عمر بن الخطاب- رضي الله عنه- أنه استشار الصحابة في نفقة اللقيط، فقالوا: في بيت المال، فإن لم يكن في بيت المال مال، أو كان، ولكن يحتاج إلى صرفه إلى ما هو أهم: من قتال عدو هجمهم أو نحوه: ففيه قولان:
أحدهما: نفقته وحضانته على عامة المسلمين: يخرجها الإمام على أهل الثروة من أهل البلد على قدر يسارهم ويعد نفسه فيهم، فإن امتنعوا: عصوا وقوتلوا عليه؛ كالفقير الزمن والمجنون الذي لا مال له: يكون القيام بنفقته على عامة المسلمين.