بينهما، ويسلم إلى من خرجت له القرعة، وإن كانت البينتان مؤرختين بتاريخين مختلفين بأن أقام أحدهما بينة أنه التقطه منذ شهر، والآخر أقام بينة أنه التقطه منذ عشرة أيام: يحكم لمن سبق تاريخه؛ بخلاف المال: لا يحكم فيه بسبق التاريخ، على أصح القولين؛ لأن مبنى أمر المال على التنقل، فإذا استويا في الملك والمال: لا يرجح بالسبق، والحضانة في أمر الملتقط ليست على التنقل، بل إذا ثبت لواحد: لا تنقل إلى غيره إلا بحكم حاكم، فكان السابق أولى؛ وكذلك: لو أقام من في يده البينة، وأقام الآخر بينة؛ أنه كان في يدي انتزعه مني: تقدم بينة من يدعي الانتزاع.
فصل في دعوى النسب
أما دعوى النسب؛ إذا ادعى حر مسلم نسب اللقيط: يلحق به سواء ادعاه الملتقط أو غيره، سواء كان المدعي من ذلك البلد أو غريباً؛ حتى لو ادعى عربي نسب لقيط في ديار العجم، أو رومي ادعى نسب لقيط في ديار الهند: يلحق به، ثم إن ادعاه غير الملتقط يؤخذ من اللقيط، ويسلم إليه؛ لأن الوالد أحق بكفالة الولد من غيره.
ولو ادعى رجلان نسبه: يرى القائف: فبأيهما ألحقه: دفعه إليه، ولا يرجح باليد والالتقاط؛ لأن اليد لا تدل على النسب.
ولو ادعاه الملتقط، ثم جاء آخر وادعاه: يرى مع الثاني القائف، فإن نفاه عنه: فهو للأول، وإن ألحقه بالثاني: يرى مع الملتقط، فإن نفاه عنه: كان للثاني، وإن ألحقه بهما، أو لم يلحق بواحد منهما، أو لم يكن قائف: يترك حتى يبلغ اللقيط فينتسب إلى من يميل طبعه إليه؛ فيلحق به، ولا حكم للانتساب قبل البلوغ، وعليهما نفقته؛ لأن كل واحد يقول: أنا أبوه، فإذا بلغ وانتسب إلى أحدهما: رجع الآخر عليه بما أنفقه، فإن انتسب إلى أحدهما، ثم وجد القائف: يرى القائف: فإن ألحقه القائف بالآخر: يقدم قول القائف؛ لأنه بمنزلة الحاكم والانتساب نوع تشه فإن ألحقه القائف بأحدهما، ثم أقام الآخر بينة: يلحق بمن أقام البينة؛ لأن البينة حجة والقيافة ظن، فلو انتسب إلى أحدهما عند عدم القائف، ثم رجع إلى الثاني: لا يقبل.
وكذلك: لو ألحقه القائف بأحدهما، ثم رجع، وألحقه بالآخر: لا ينقل إليه؛ لأن الاجتهاد لا ينقض بالاجتهاد.
وإن أقام كل واحد بينة: يسقطان، ولا يأتي قول استعمال البينتين ههنا؛ لأن قسمة الولد لا تمكن؛ وفي الوقف إضرار، ولا مدخل للقرعة في النسب.