إقرار بالحرية- لا يخلو:[إما إن صدقه] المقر له أو كذبه؛ فإن صدقه، أو ادعى المدعي ابتداء رقه، وصدقه اللقيط: قال الشافعي- رحمه الله-: ألزمته ما لزمه قبل إقراره، وفي إلزامه الرق قولان، اختلف أصحابنا فيه على طريقين:
فمنهم من قال: في أصل قبول إقراره قولان:
أحدهما: لا يقبل إقراره؛ لأنه محكوم بحريته بظاهر الدار، وقد لزمته حقوق؛ فهو بإقراره يريد إسقاطها عن نفسه؛ فلا يقبل، كما لو أقر بالرق بعدما أقر بالحرية على نفسه: لا يقبل بالاتفاق.
والثاني: يُقبل؛ لأنا حكمنا بحريته من حيث الظاهر؛ فيجوز أن يتغير حكمه بالإقرار؛ كمن حكمنا بإسلامه تبعاً للدار، ثم بلغ وأعرب عن الكفر: كان كافراً أصلياً؛ على الأصح؛ فهو كما لو قامت بينة على رقه: يحكم برقه، وتبطل تصرفاته.
ومن أصحابنا من قال- وهو الأصح-: يقبل إقراره بالرق قولاً واحداً، ويكون حكمه في المستقبل حكم الأرقاء، وهل يقبل فيما [ضر غيره من الأصل فيما] له وعليه، وتبطل جميع تصرفاته أم يقبل فيما ضره، ولا يقبل فيما ضر غيره؟ فيه قولان:
وقوله:"وفي إلزامه الرق قولان" أراد: في إلزامه أحكام الرق قولان:
أحدهما: يقبل إقراره في الكل؛ كما لو قامت بينة على رقه؛ لأن التهمة قد انتفت عن إقراره؛ فإن الغالب: الإنسان لا يرق نفسه لضرر يلحق الغير؛ كالعبد: إذا أقر على نفسه بالقصاص يقبل، وإن كان في إقراره إبطال حق المولى.
والقولى الثاني: يقبل إقراره فيما ضره، ولا يقبل فيما ضر الغير، وهو الأصح؛ كما لو أقر بمال عليه وعلى غيره، يقبل إقراره فيما عليه، ولا يقبل فيما على غيره.
وبيان التفريع على القولين: إن قلنا [على القول] الأول: إنه يقبل إقراره من الأصل فيما له وعليه، فإن كان قد باع شيئاً: فبيعه باطل، وإن كان المبيع قائماً في يد المشتري: أخذه المقر له، وإن كان هالكاً: أخذ قيمته، وإن كان العبد قد أخذ الثمن، وهلك في يده: يكون في ذمته إلى أن يعتق، وإن كان قد اشترى شيئاً: فشراؤه باطل، فإن كان ما اشترى قائماً: رده إلى بائعه، وإن كان هالكاً: يسترد الثمن من البائع، وقيمة المبيع في ذمة العبد للبائع إلى أن يعتق، ولا يعطي مما في يده، وإن كان قد نكح: فنكاحه فاسد؛ لأنه نكح بغير إذن