هذا كله فيما إذا أقر اللقيط- أو مجهول النسب بالرق لإنسان، وصدقه المقر له: فإن كذبه المقر له: بطل إقراره، فلو أقر بعده بالرق لآخر: فالمذهب: أنه لا يقبل.
وقال ابن سريج: يقبل؛ كما لو أقر بالدار لإنسان؛ فكذبه المقر له، ثم أقر بها لآخر: يقبل، والأول هو المذهب؛ لأن إقراره الأول تقديره: أنه لا يملكه أحد سواه.
وإذا رد الأول إقراره: خرج عن أن يكون مملوكاً لأحد، ورجع إلى أصل الحرية، فصار كما لو أقر على نفسه بالحرية، ثم أقر بالرق بعده: لا يقبل، وليس كالإقرار بالدار؛ لأن برد الأول: إقراره لا يخرج الدار عن أن تكون مملوكة:
ولو أنكر المقر، ثم ادعاه بعده: لا يقبل؛ لأنه التحق بأصل الحرية بإنكاره؛ فلا يعود ملكاً له، فإن قلنا: بظاهر المذهب: أن إنكار اللقيط بالرق مقبول: فلو ادعى رجل رقه، فأنكر، ثم أقر بعده: هل يقبل؟ فيه وجهان:
أحدهما: لا يقبل؛ لأنه لزمه أحكام الأحرار بالإنكار؛ كما لو أقر أنه حر.
والثاني: يقبل؛ كما لو أنكرت المرأة مراجعة الزوج إياها، ثم أقرت: قبل إقرارها، وردت إلى الزوج، وعلى هذا: لو ادعى رجل رق لقيط أو مجهول نسب، فأنكر، ولا بينة للمدعي: فهل له تحليف المدعى عليه أم لا؟ هذا يبنى على أنه لو أقر بالرق على نفسه: هل يقبل أم لا؟:
إن قلنا: يقبل إقراره؛ فللمدعي أن يحلفه؛ رجاء أن يقر به.
وإن قلنا: لا يقبل: لا نحلفه؛ لأن اليمين لطلب الإقرار، وإقراره غير مقبول، والله أعلم.
فصل في رد الآبق
إذا قال: إن رددت عبدي- فلك هذا الثوب، فرده: يستحقه، فلو تلف الثوب في يد الجاعل- نظر: إن تلف قبل الشروع في العمل؛ فإن علم وشرع في العمل: لا يستحق شيئاً؛ لأنه عمل مجاناً، وإن لم يعلمه فعمل، ورد: يستحق أجر المثل، وكذلك: لو تلف الثوب في خلال العمل: يستحق أجر المثل، ولو تلف بعد رد العبد: ماذا يجب على الجاعل؟ فيه جوابان؛ بناءً على أن الصداق في يد الزوج مضمون ضمان العقد أم ضمان اليد، وفيه قولان:
إن قلنا: ضمان العقد: يجب أجر المثل.
وإن قلنا: ضمان اليد: فقيمة الثوب.
وهذا بخلاف ما لو تلف قبل الفراغ من العمل: يستحق أجر المثل، وجهاً واحداً؛ لأن ثم