ولا يجوزُ أن يدهن شعره بدهن الغنيمة؛ لأنه لا حاجة إليه، ولا يجوز تناول ما يصاب من الأدوية، إذا اعتل، فإن دعت الحاجة إليه-: تناوله ويضمن قيمته؛ لأنه ليس من الأطعمة التي يحتاج إليها في العادة، ويجوز ذبح ما يؤكل من الحيوان للأكل؛ لأنه مما يؤكل في العادة، ولا يجوز أن يعمل من إهابها حذاء ولا سقاء، فإن اتخذ شيئاً من ذلك-: يجب رده في المغنم، وإن زادت قيمته بالصنعة-: لم يكن له في الزيادة حق، وإن نقص-: لزمه أرش ما نقص كالغاصب.
ولو أتلف شيئاً من مال الغنيمة-: لزمه الضمان، وإن لبس منه ثوباً-: تلزمه أجرته، رُوي عن رويفع بن ثابت الأنصاري؛ أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- قال:"من كان يؤمن بالله واليوم الآخر-: فلا يركب دابة من فيء المسلمين، حتى إذا أعجفها ردها، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر-: فلا يلبس ثوباً من فيء المسلمين، حتى إذا أخلقه رده".
وإذا لحق مدد بعد تقضي الحرب-: لا يجوز أن يطعموا منه؛ كغير الضيف: لا يأكل مع الضيف من طعام المضيف، فإذا اضطروا-: أطعمهم الإمام من بيت المال، وإذا دخل دار الإسلام ومعه بقية من الطعام الذي أخذه من الغنيمة-: هل يجب رده؟ فيه قولان"
أصحهما يجب رده؛ لأنا إنما جوزنا أخذه في دار الحرب للحاجة، وقد زالت بدخول دار الإسلام.
والثاني: لا يجب؛ لأن ما خص به من الغنيمة-: لا يجب ردها؛ كالسلب.
وقيل: إن كان كثيراً-: يجب رده قولاً واحداً.
والقولان في القليل.
ولو خرجوا من دار الحرب، ولم يبلغوا بعد عمران دار الإسلام-: فهل لهم أن يتناولوا من طعام الغنيمة؟ فيه وجهان:
أحدهما: لهم ذلك؛ لأن المعنى الذي أبيح به تناوله في دار الحرب، وهو ضيق الطعام - ههنا- موجود. والثاني: ليس لهم ذلك؛ لأنهم أحرزوا الغنيمة بدخول دار الإسلام؛ فمن تناول منه شيئاً- لزمه الضمان.
ولو أصاب المسلمون شيئاً من كتبهم، فإن كان منها شيءٌ مباح من طب أو شعر-: فهو غنيمة، وإن كان فيه كُفرٌ-: لم يجز تركها على حالها؛ لأن قراءتها والنظر إليها معصية.