تلزمه نفقته من النساء والذُرية، وكسوتهم لسنة في مثل بلده وزمانه من رخص السعر وغلائه، ويعطي نفقة أقاربه الذين تلزمه نفقتهم.
وإن كان لواحد أربع نسوة-: يعطي نفقة الكل، ويعطى ذا المروءة أكثر ممن دونه، ويعطى المقاتل الفرس أو قيمته ومؤنته والسلاح.
ومن لا زوجة له إذا تزوج، أو من له زوجة فتزوج أخرى، أو حدث لواحد ولد-: زاد في عطائه، ويزيد للمولود على مر الأيام بقدر حاجته؛ ولا يفضل من كانت له سابقة بالإسلام أو الهجرة أو غيرها من الخصال الحميدة.
كان أبو بكر يسوى بين علي وغيره في العطاء، ولا يفضل بالسابقة، فقال له عمر: تجعل الذين جاهدوا في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم، وهاجروا من ديارهم: كمن إنما دخل في الإسلام كُرها، فقال أبو بكر: إنما عملوا لله، وإنما أجورهم على الله، وإنما الدنيا بلاغ.
وكان عمر يفضل بالسابقة حتى كان يفضل أقران ابنه، ويقول: هاجر بك أبوك، ويفضل عائشة على حفصة، ويقول: كان أبوها أحب إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من أبيك.
واختار الشافعي المطلبي التسوية؛ كما يسوي في سهم الغنيمة بين الشجاع والجبان، وفي الميراث: بين الولد البار والعاق.
ولا يُعطى من الفيء صبي، ولا مجنون، ولا عبد، ولا امرأة، ولا أعمى، ولا زمن؛ لأنهم ليسوا من أهل الجهاد، فإن كانوا في عيلة مقاتل-: فهم تبع له، فيعطى المقاتل بسببهم.
وإن مرض واحد من المقاتلة-: فإن كان مرضاً يُرجى زواله-: يعطى، لأن الإنسان لا يخلو من عارض، وإن كان مرضاً لا يرجى زواله أوعمى أو زمن -: سقط حقه، والتحق بالذرية.
وإن مات واحد من المقاتلة، وله ولد أو زوجة-: فهل يرزق ولده وزوجته بعد موته؟ فيه قولان:
أحدهما: لا يرزق؛ لأنه كان يأخذه تبعاً للمقاتل؛ وقد ذهب الأصل.
والثاني: يرزق الولد إلى أن يبلغ، والزوجة إلى أن تنكح؛ لأن فيه مصلحة؛ فإن المجاهد إذا علم انقطاع الرزق عن ولده وزوجته بعد موته-: اشتغل بالكسب لعياله، ويُعطل أمر الجهاد؛ فعلى هذا: إذا بلغ الولد، وأثبت اسمه في الديوان-: يعطى كما يعطى المقاتلة.