والثاني: يُعطون؛ لأن المعنى الذي به أعطوا قد يُوجد بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - فعلى هذا. من أي مال يعطون؟ فيه قولان:
أحدهما: من سهم المؤلفة من الصدقات.
والثاني: من خمس الخمس سهم المصالح.
وقسم آخر من مؤلفة المسلمين: جماعة بإزاء قوم كفار لا تبلغهم جيوش المسلمين إلا بمؤنة وهم إن أعطيناهم جاهدوا، أو جماعة بإزاء قوم فيه مانعي الزكاة، إن أعطيناهم مالاً قاتلوا مانعي الزكاة، وأخذوا منهم الزكاة؛ فهؤلاء يعطون قولاً واحداً.
ومن أي مال يعطون فيه أربعة أقوال:
أحدها: من سهم المؤلفة.
والثاني: من سهم سبيل الله من الصدقة.
والثالث: من خمس الخمس سهم المصالح؛ لأن فيه مصلحة للإسلام.
والرابع: قال الشافعي: يُعطون من سهم المؤلفة، وسهم سبيل الله.
وأصحابنا اختلفوا في تفسيره على هذا القول:
منهم من قال: لا يجوز أن يُعطى أحد من السهمين جميعاً من مال واحد، وأراد الشافعي - رضي الله عنه-: إن قاتل مانعي الزكاة-: أُعطى من سهم المؤلفة، وإن قاتل الكفار-: أعطى من سهم سبيل الله.
ومنهم من قال: لنا قولان في أنه هل يجوز أن يعطى واحد من سهمين؛ وهذا جواب على الجواز.
ومن أصحابنا من قال: لا يُجمع له بين السهمين؛ ولكن الإمام بالخيار إن شاء أعطاه من سهم المؤلفة؛ وإن شاء من سهم سبيل الله.
رُوي أن عدي بن حاتم جاء أبا بكرٍ- رضيا لله عنه- بثلاثمائة من الإبل من صدقات قومه، فأعطاه أبو بكر ثلاثين بعيراً.
أما مؤلفة الكفار: منهم من له ميل في الإسلام: فيعطى؛ ترغيباً له في الإسلام، ومنهم من يُعطى، حذاراً من شره؛ كان النبي - صلى الله عليه وسلم- يُعطيهم من خمس الخمس سهم المصالح، أما اليوم-: فلا يُعطون أصلاً، لأن اله تعالى أعز الإسلام، وقوي أهله، ولم يعط الخلفاء بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أحداً من الكفار على هذا المعنى شيئاً.
الصنف الخامس: الرقاب، وهم المكاتبون، فيؤدي إلى المكاتب من الزكاة قدرها