دينه من أي صنف من المال-: كان لا يُعطى؛ على أصح القولين، وهو المذهب.
وإن كان ماله يفي بعض ديونه-: يُعطى بقدر مايفي.
وقال في القديم: يُعطى مع الغني كمن أدان لإصلاح ذات البَيْنِ.
وإن كان دينه مؤجلاً-: هل يُعطى؟ فيه وجهان:
أحدهما: يُعطى؛ لأنه غارم.
والثاني: لا يعطى؛ لأنه غير مطالب به.
فإن قلنا: يُعطى: فإن كان له وقف يُغل، فإن كانت العلة تدرك قبل حلول الأجل-: لا يُعطى، وإن كانت تدرك بعد حلول الجل، وكان الدين حالاً يعطى.
وإن كان الدين في معصية-: لا يُعطى إن لم يتب، فإن تاب-: فوجهان:
أحدهما: لا يُعطى؛ لأن الصدقة لا تُصرف إلى المعاصي.
والثاني: يُعطى لأنه تائب، وعليه دين، كان الدين لزم بسبب مباح.
فأما إذا كان دينه لإصلاح ذات البين؛ بأن كان بين فريقين ثائرة، فاستدان مالاً؛ لتسكين تلك الثائرة، أو تحمل مالاً؛ ليسنها- نظر: إن كانت تلك الثائرة في ذمته، فتحمل الذمة-: فيُعطى من سهم الغارمين، ما يؤدي به ذلك الدين، فقيراً كان أو غنياً؛ لما رُوي عن النبي - صلى الله عليه وسلم- أنه قال:"لا تحل الصدقة لغني إلا لخمسة: الغازي في سبيل الله، أو لعامل عليها، أو لغارم، أو لرجل اشتراها بماله، أو لرجل له جار مسكين فتصدق على المسكين، فأهدى المسكين للغني"، وإن كانت تلك الثائرة في مال، فاستدان وأدى فيها، أو تحمل لتسكينها-: فهل يعطى مع الغنى؟ فيه وجهان:
أحدهما: يُعطى؛ لأنه تحمل؛ لإصلاح ذات البين؛ كما في الدين.
والثاني: لا يُعطى إلا أن يكون فقيراً؛ بخلاف الدم؛ لأن فتنة الدم أعظم.
وإن ضمن دية على إنسان، هل يُعطى الضامن أم لا؟ نُظر: إن كان الضامن والمضمون عنه جميعاً معسرين-: فنه يعطى، وإن كان الضامن معسراً، والمضمون عنه موسراً، نُظر: إن ضمن بغير إذن المضمون عنه-: يُعطى، وإن ضمن بإذنه -: لا يعطى؛ لأنه إذا أذن يرجع على المضمون عليه.
وإن كان الضامن موسراً، والمضمون عنه معسراً، أو كانا موسرين، ولكن ضمن بغير إذن-: فهل يعطى؟ فيه وجهان، وإن كانا موسرين، وضمن بإذنه-: لا يعطى؛ لأنه إذا أدى-: رجع على المضمون عنه.