له أن يبيت عندها، ولا يرضى بغيرها عنها.
فإن رضي الزوج نظر إن تركت حقها مطلقاً، أو وهبته لجميع ضراتها - لم يكن للزوج أن يخص بتلك الليلة واحدةً من ضرائرها، بل تخرج الواهبة من القسم، ويُسوى بين سائرهن.
وإن وهبت ليلتها للزوج، هل له أن - يخص بها واحدة. منهن؟ فيه وجهان:
أحدهما: لا؛ لو كما لو تركت حقها مطلقاً.
والثاني: له ذلك؛ لأن الحق ضار له، فله أن يجعله لمن شاء.
ولو وهبت ليلتها واحدةً بعينها - صحت الهبة، ورضا الموهوبة وقبولها ليس بشرط، فالزوج يخرج الواهبة من القسم، ويبيت عند الموهوبة ليلتين: نوبتها ونوبة الواهبة، وعند البواقي ليلة ليلة، والدليل عليه ما رُوي أن سودة لما كبرت قالت: يا رسول الله، لقد جعلت نوبتي منك لعائشة، فكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقسم لعائشة يومين: يومها، ويوم سودة.
ثم إن كانت نوبة الواهبة تلي ليلة الموهوبة بيت عندها ليلتين على التوالي وإن تخللت بين النوبتين نوبة امرأة أخرى، فال يبيت عندها ليلتها بل يبيت [عندها] نوبتها ثم يدور، فإذا جاءت نوبة الواهبة بات مكانها عندها الموهوبة لمعنيين.
أحدهما: لأن حق من بين النوبتين أسبق، ولأن الواهبة ربما ترجع إذا جاءت نوبتها، فإذا عجل للموهوبة نوبتها بطل حقها من الرجوعن وإذا رجعت الواهبة لا يلزم رجوعها فيما مضى ويصح فيما بعد.
ولا يلزم الزوج حكم رجوعها ما لم يعلم حتى لو بات بعد رجوعها قبل العلم عند الموهوبة لا يجب قضاؤه للواهبة، فإن بات بعد العلم عليه القضاء.
وقيل: يلزمه قبل العلم، الوكيل يلزمه حكم العزل قبل العلم.
ولا يجوز أخذ العوض على هبة النوبة، ويجوز للأمة هبة نوبتها بغير إذن المولى؛ لأن ذلك حقها، كما لها في الإيلاء ترك حقها من المطالبة بالفيء أو الطلاق.
وعماد القسم الليل، لأنه سنٌ. قال الله تعالى: {وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَناً} [الأنعام: ٩٦]. واليوم الذي يتبع الليلة تبع لليلس، فإن كان الرجل ممن يعمل بالليلِ كالحارس، فعاد القسم في حقه النهار والليل تبعٌ.
وإن كان الرجل معهن في سفر في الطريق، فعاد القسم في حقهن من وقت النزول إلى الارتحال قل أم كثر ليلاً كان أو نهاراً، لأن الخلوة لا تمكن من وقت السير.