وإن كان الزوج مجنوناً لا يخاف منه، فعلى وليه أن يطوف به عليهن، أو يدعوهن إليه على التسوية، وإن ظلم أثم الولي، وإنما يجب إذا كان يقسم فيحال كونه عاقلاً فجُن، فإن لم يكن يقسم في حال عقله لا يجب على الولي أن يبتديء القسم بعد جنونه.
وإذا أفاق فقامت بينةً على أنه ظلم واحدةً، أو أقرت التي لمها بسببها قضى للمظلومة ولا يقبل قول الولي عليه بأني ظلمت.
وإن كان يجن يوماً ويفيق يوماً، فأيام الجنون كالفيئة، وعليه القسم من أيام إفاقته، حتى لو أقام من حال جنونه أياماً عند واحدة؛ فلا قضاء، بخلاف الجنون المطبق.
وإن كان الزوج مراهقاً فالإثم في الجور منسوب إلى وليه، بخلاف المحجور عليه بالسفه يأثم بالجور دون وليه لأنه مكلفٌ.
وإذا نشزت المرأة، أو امتنعت من التمكين - فلا قسم لها، كما لا نفقة لها، وكذلك المجنونة إذا امتنعت، إلا أنها لا تأثم، والعاقلة تأثم وكذلك الأمة إذا لم يئويها السيد مع الزوج بيتاً، فلا قسم لها ولا نفقة.
وإذا سافرت المرأة بغير إذن الزوج، أو خرجت إلى دار قومها - سقط حقها من القسم والنفقة، وإن أشخصها الزوج لحاجة نفسه، فلا يسقط حقها فإذا رجعت قضى لها من حق الباقيات.
وإن خرجت لحاجة نفسها بإذن الزوج، فالمذهب وهو قوله الجديد: لا قسم لها، ولا نفقة لأن المنع لحق نفسها، كما لو كانت في بيت الأب لا تعرض نفسها عليه فلا قسم لها، وقال في القديم، وبه قال أبو حنيفة: لا يسقط حقها؛ لأنها خرجت بإذنه، كما لو خرجت معه.
ولو لزم الزوج بيتاً، ودعاهُن إلى نفسه على التوبة- يجوز إذا لم يكن فيبيت واحدةٍ من الضرائر، وعليهن الإجابة، فمن امتنعت سقط حقها، ولكن عليه التسوية بينهن في بياتهن، أو دعاتهن إلى بيته.
ولو أتى البعض في دارها، ودعا بعضهن إلى نفسه - فهو ظلم، وكذلك لو لزم بيت واحدة منهن، ودعا الأخريات إليه، فمن امتنعت لا يبطل حقها من القسم فلو كانت إحداهن شابة حسنة، فخاف عليها الفتنة لو برزت، فحضرها، ودعا العجوز على بيته - جاز وعليها الإجابة.
وكذلك إذا كانت دار أحداهما أقرب فحضرها، ودعا البعيدة إليه - جاز، لأنه آثر التخفيف لا الإضرار وإن كانت له امرأتان في بلدين، فأقام في بلد إحداهما -نُظر إن لم يقم معها في منزلها لا يلزمه القضاء للأخرى، لأن المقام في البلد معها ليس بقسم، وإذا قام معها في منزلها يجب عليه القضاء للأخرى، لأن القسم لا يسقط باختلاف البلاد.