فإذا نوى التعليق أو الوثاق-: لا يرفع اللفظ، بل يخصه، ويجعل له تأويلاً محتملاً فقبل في الباطن، هذا كما أن النسخ لما كان يرفع الحكم ويسقطه-: لم يصح إلا باللفظ دون القياس، والتخصيص لما لم يكن يرفع اللفظ، بل يخصصه-: صح لفظاً أو قياساً.
أما إذا قال: أنت طالق إن دخلت الدار، ثم قال: عنيت الوقوع في الحال، أو قال: أنت طالق من الوثاق، ثم قال: عنيت به وثاق النكاح-: يقبل قوله ظاهراً وباطناً؛ لأنه يقر بأمر عليه؛ كما لو قال: أنت طالق، ثم قال: عنيت به ثلاث طلقات-: يحكم بوقوع الثلاث.
ولو قال: أنت طالق لفلان، أو لرضا فلان-: يقع في الحال، ولا يقف على رضا فلان؛ لأنه تعليل، وليس تعليقاً معناه: حتى يرضى فلان؛ كما لو قال لعبد: أنت حر لوجه الله، أو لرضا الله-: يعتق في الحال، فإن قال: عنيت التعليق، يعني: إن رضي فلان-: لا يقبل في الظاهر، ويقبل في الباطن.
أما إذا قال: أنت طالق برضا فلان-: فهو تعليق؛ فلا يقع إلا بوجوده؛ كما لو قال: إن رضي فلان، ولو قال: لقدم فلان-: فهو تعليق؛ فلا يقع ما لم يقدم.
ولو قال لها: أنت طالق في كل قرء واحدة، أو قال: أنت طالق ثلاثاً، في كل قرء واحدة-: نظر: إن كانت المرأة صغيرة لم تحض قط أو آيسة تقع عليها في الحال طلقة، ثم لا تقع أخرى حتى تحيض وتطهر، حتى لو لم تحض، وإن لم يراجعها الزوجن حتى مضت لها ثلاثة أشهر-: فقد بانت منه، فإذا نكحها بعده، ثم رأت الدم، وطهرت-: فعلى قولي عود اليمين.
وكذلك: إن كانت حاملاً-: تقع في الحال طلقة، سواء كانت ترى الدم على الحبل أو لا ترى، وسواء جعلنا ذلك الدم حيضاً أو لم نجعله حيضاً.
ثم لا تقع أخرى ما لم تضع الحمل، وتطهر من النفاس، لأن زمان الحمل بمنزلة قرء واحد، ثم إن راجعها الزوج قبل وضع الحمل: فإذا وضعت الحمل، وطهرت من النفاس-: وقعت طلقة أخرى، وتستأنف أخرى.
وإن لم يراجعها، حتى وضعت الحمل، وقد انقضت عدتها بوضع الحمل-: فلا يقع بعد ذلك شيء إلا أن ينكحها قبل مضي تمام الأقراء، فيكون على قولي عود اليمين.
وقيل: إن كانت المرأة ممن لم تحض قط-: فلا يقع عليها الطلاق، حتى تحيض وتطهر؛ على القول الذي يقول: إن ذلك الطهر لا يحسب قرءاً في العدة.
وإن كانت المرأة من ذوات الأقراء: فإن كانت في تلك الحالة طاهرة-: تقع عليها