قال الشافعي- رضي الله عنه-: والورع أن يحنث نفسه، إذا لم يعلمها بالإذن؛ لم يرد به أن يجعلها مطلقة فيتركها؛ بل أراد: أنه يراجعها، ثم بعده إذا طلقها طلقتين: فالورع ألا ينكحها إلا بعد زوج آخر، فإذا نكحها بعد زوج، فتكون عنده بطلقة، في الورع وفي الحكم جميعاً.
ولو أذن لها في الخروج، ثم رجع عن الإذن قبل الخروج، فخرجت بعده-: لا تطلق؛ لأن الإذن قد سبق، فلا يرتفع برجوعه.
قال- رحمه الله-: عندي هذا صحيح في قوله: "حتى آذن لك"؛ لأنه جعل الإذن غاية اليمين، فإذا وجد ارتفع.
أما إذا قال: بغير إذني، أو إلا بإذني: فإذا رجع، ثم خرجت-: فهو خروج بغير إذن، وهو أول خروج وجد بعد اليمين-: فوجب أن تطلق، وذكره الأصحاب.
ولو قال: إن خرجت بغير إذني لغير عبادة فأنت طالق: فإن خرجت للعبادة، ولقضاء حاجة أخرى-: لم تطلق على الأصح، ولو خرجت للعبادة فقضت في الطريق حاجة أخرى-: لم تطلق، والله أعلم.
فصل
إذا قال لامرأته: إذا تزوجت عليك فأنت طالق: فإذا تزوج عليها في النكاح، أو في عدة الرجعة-: طلقت، ولو أبانها، ثم تزوج امرأة-: لا يقع عليها الطلاق، ولا تنحل اليمين؛ لأنه حلف ألا يتزوج عليها، وهو لم يتزوج عليها.
فإن كان قال: إذا تزوجت فأنت طالق، فإذا أبانها، ثم تزوج-: تنحل اليمين، حتى لو نكحها بعده، ثم تزوج أخرى-: لا يقع الطلاق عليها.
ولو قال: إن لم أتزوج عليك فأنت طالق-: فلا يقع الطلاق بترك التزوج، ما لم يقع اليأس من التزوج بموت أحدهما، أو بجنون من الزوج متصل بالموت؛ فيحكم بوقوع الطلاق قبل الموت والجنون.
وإذا تزوج عليها-: انحلت اليمين، سواء تزوج عليها امرأة تشبهها أو لا تشبهها. وعند مالك: إن تزوج عليها امرأة دونها-: لا تنحل بها اليمين حتى يدخل بها.
ولو قال: إذا أو متى لم أتزوج عليك فأنت طالق: فإذا مضى زمان أمكنه أن يتزوج عليها، فلم يفعل-: طلقت.