للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وإن كان يخوفه، ولا يمكنه تحقيقه-: فلا يكون إكراهاً، وأمر السلطان إكراه؛ على أحد القولين.

فإن خوفه بعقوبة آجلة؛ بأن قال: لأضربنك غداً، أو بضرب غير مبرح، بأن قال: لأضربنك سوطاً، أو سوطين، أو مما لا ينال من بدنه بأن قال: لأقتلن ولدك أو زوجتك-: فلا يكون إكراهاً.

أما النفي عن البلد-: هل يكون إكراهاً؟ نظر: إن كان بينه وبين أهله فهو إكراه؛ كالتخليد في السجن، وإن لم يكن [فيه تفريق بينه وبين أهله]- فيه وجهان.

أحدهما: ليس بإكراه؛ لأن البلاد في حقه سواء.

والثاني: هو إكراه؛ لأن مفارقة الوطن شديدة، ولذلك عوقب الزاني بالتغريب.

أما ما يؤول إلى ذهاب الجاه؛ مثل: أن قال: لأسودن وجهك، ولأطوفن بك في البلد، ولأصفعنك في السوق، أو نحو ذلك، أو لأتلفن مالك-: فلا يكون ذلك الكل إكراهاً إذا كان يكرهه على قتل، أو قطع.

وإن كان يكرهه على إتلاف مال، أو على طلاق، أو عتاق-: فهو إكراه؛ على قول بعض أصحابنا، وعند بعضهم: ليس بإكراه؛ لأنه لا يصيب بدنه بما لا يطيقه.

وقيل: إذا قال: لأقتلن ولدك فهكذا.

فمن جعل الاستحقاق بإذهاب الجاه من الصفع والضرب الخفيف وتسويد الوجه إكراهاً-: فذلك في حق المحتشم الوجيه.

فأما المتبدل الذي لا يبالي به-: فلا يكون إكراهاً في حقه، فكذلك أخذ القليل من المال ممن لا يضن عليه.

ولو أكرهه على أمر، ففعل بخلافه-: يقع؛ مثل: أن يكرهه على أن يطلق واحدة فطلق ثلاثاً، أو على ثلاث فطلق واحدة، أو على تنجيز الطلاق فعلى أو على التعليق فنجز، أو على أن يطلق بلفظ الكناية فصرح-: يقع؛ لأنه صار مختاراً بالمخالفة.

ولو أكرهه على أن يطلق امرأته زينب، فطلقها وضرتها- نظر: إن [طلقهما معاً] وقع عليهما، فإن فرق بينهما، فقال: زينب طالق، وعمرة طالق-: لم تطلق زينب للإكراه، وطلقت عمرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>