للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأما الطلاق البائن في مرض موت الزوج- نظر: إن كان بمسألة المرأة أو باختلاعها نفسها-: فلا يجعل الرجل فاراً وينقطع الميراث من الجانبين.

وإن كان بغير مسألتها بأن طلقها ثلاثاً في مرض موته، أو خالعها مع أجنبي: فإن ماتت المرأة-: [لا يرثها] الزوج، وإن مات الزوج هل ترثه المرأة؟ فيه قولان:

أظهرهما- وهو قوله الجديد، وبه قال عبد الرحمن بن عوف، وعبد الله بن الزبير [لامرأته]-: لا ترثه؛ كما لا يرثها الزوج، لأن المثبت للتوارث هو الزوجية، وقد ارتفعت؛ كما لو نفى نسب الولد باللعان [في المرض]-: ينقطع التوارث بينهما.

وقال في القديم، وهو قول مالك، وأبي حنيفة: ترثه؛ لأن قصده بهذا الطلاق الفرار عن الميراث، فيرد عليه قصده، كما لو قتل مورثه لا يرثه لأن قصده استعجال الميراث؛ فعوقب بحرمانه.

فإن قلنا: ترثه-: إلى متى ترثه؟ فيه أقوال:

أحدها: ما لم تنقض عدتها، فإن مات بعد عدتها-: لم ترثه؛ وهو قول أبي حنيفة، حتى لو كان الطلاق قبل الدخول-: لا ترثه؛ لأنه لا عدة عليها.

والثاني: ترثه؛ ما لم تنكح زوجاً آخر، وهو قول ابن أبي ليلى.

والثالث- وهو قول مالك-: أبداً، وإن نكحت زوجاً آخر؛ لأن توريثها بالفرار، وذلك لا يزول بالتزويج، سواء كان الطلاق قبل الدخول أو بعده.

ولو سألت طلاقها، فلم يجبها في الحال، ثم طلقها بعده-: فهو فاز، وكذلك لو سألت طلاقاً رجعياً، فطلقها ثلاثاً-: كان فاراً.

ولو طلقها رجعياً في مرضهن فانقضت عدتها-: لم ترثه؛ لأنه لم يكن فاراً بالطلاق الرجعي.

ولو علق في مرضه طلاقها بصفة، فوجدت- نظر: إن علق بفعل نفسه، أو بفعل أجنبي، أو بمضي زمان-: فهو فار، ترث في القديم.

وإن علق بفعل- من جهتها- نظر: إن لم يكن لها منه بد: إما طبعاً؛ كالأكل والشرب

<<  <  ج: ص:  >  >>