وعندنا: يجب أن يصرف الحب إلى المساكين، فلو غداهم وعشاهم- لا يجوز.
وعند أبي حنيفة: يجوز، وإن فاوتوا في الأكل.
ولا يجوز أن يصرف إلى أقل من ستين مسكيناً.
وعنده: لو صرف طعام ستين مسكيناً إلى مسكين واحد في ستين يوماً-: يجوز، ولا يجوز دفعة واحدة.
قلنا: ذكر الله تعالى في الإطعام وصفاً وعددا، فقال: {فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِيناً} [المجادلة: ٤] ثم أجمعنا على أن الإخلال بالوصف، وهو المسكنة-: لا يجوز.
وكذلك بالعدد؛ كما في الشهادة ذكر العدد ووصف العدالة؛ فقال: {وَأَشْهِدُوا ذَوَى عَدْلٍ مِنْكُمْ} [الطلاق: ٢] ثم كما لا يجوز الإخلال بالوصف-: لا يجوز الإخلال بالعدد؛ فلا يقال: إذا شهد واحد مرتين: يكون كشاهدين.
ولو جمع ستين مسكيناً، فوضع بين أيديهم ستين مداً، فقال: ملكتكم هذا، فقبلوا-: جاز، ولو قال: خذوا هذا، ونوى الكفارة [جاز]، فإن أخذوا على السوية-: سقط الفرض عنه، وإن أخذوا على التفاوت-: لم يجز إلا مد واحد؛ لأنا نعلم أن واحداً منهم أخذ مدا، وشككنا في الباقين.
فإن علم أن عشرة منهم أخذ كل واحد مداً-: سقط عنه فرض عشرة، وعليه أن يكمل الخمسين حقهم.
ولو صرف ستين مداً إلى ثلاثين مسكيناً-: يجزئه مد مد، وعليه إخراج ثلاثين مداً إلى ثلاثين مسكيناً، وهل له أن يسترد المد من الأولين؟ نظر: إن شرط أنه كفارة-: له أن يسترد، وإن لم يشترط-: فلا، وهو متبرع به.
ولو صرف إلى مسكين واحد مدين عن كفارتين-: [فلا يجوز] سواء كانا متفقين أو مختلفين، ولا يجوز تفريق كفارة واحدة بأن يعتق نصف عبد، ويصوم شهراً، أو يصوم شهراً ويطعم ثلاثين مسكيناً.
فإن لم يجد إلا نصف رقبة-: فهو كالمعدوم، فيصوم شهرين متتابعين، ولا يجوز صرف طعام الكفارة إلى من تلزمه نفقته من والد أو ولد أو زوجة، ولا إلى عبد ولا مكاتب.
فإن صرف إلى عبد بإذن سيده، وسيده من أهل الاستحقاق-: جاز، ويكون دفعاً إلى السيد، ويجوز صرفه إلى الصغير والمجنون، ويدفع إلى وليه، ولا يعطي إلى الصغير أقل