إذا رمى الرجل امرأته بالزنا-: يجب عليه الحد إن كانت محصنة، وإن لم تكن محصنة فعليه التعزير؛ كما في رمي الأجنبي لا يختلف موجبهما، غير أنهما يختلفان في المخلص: ففي قذف الأجنبي: لا يسقط الحد عن القاذف إلا بإقرار المقذوف أو ببينة تقوم على زناه.
وفي قذف الزوج: أسقط الحد عنه أحد هذين الأمرين أو باللعان؛ لأنه لا معرة عليه في زنا الأجنبي وهو مندوب إلى ستره، وإذا زنت زوجته-: يلحقه من العار والشنار والنسب الفاسد ما لا يمكنه الصبر عليه، فلو وقف أمره على إقامة البينة-: لشق عليه؛ فجعل الشرع له المخرج منه باللعان، وجعله كالبينة في حقه.
وروي عن ابن عباس أن هلال بن أمية قذف امرأته عند النبي- صلى الله عليه وسلم- بشريك ابن سحماء، فقال النبي- صلى الله عليه وسلم- "البينة أو حداً في ظهرك" فقال: يا رسول الله، إذا رأى أحدنا على امرأته رجلاً فلا ينطلق يلتمس البينة، فجعل النبي- صلى الله عليه وسلم- يقول:"البينة وألا جلداً في ظهرك" فقال هلال: والذي بعثك بالحق، إني لصادق، ولينزلن الله ما يبرئ ظهري من الحد، فنزل جبريل- عليه السلام- وأنزل:{وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ} حتى بلغ: {إِنْ كَانَ مِنْ الصَّادِقِينَ}[النور: ٦: ٩].
وَرُوِيَ أَنَّ النَبِيَّ- صلى الله عليه وسلم- قال "أَبْشِرْ يَا هِلاَلُ قَدْ جَعَلَ الله لَكَ فَرَجاً وَمَخْرَجاً" فَقَالَ هِلاَلُ: قَدْ كُنْتُ أَرْجُو ذَلِكَ مِنْ رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ.
وعند أبي حنيفة: يوجب قذف الزوج اللعان، فإن امتنع عن اللعان- حبس حتى يلاعن، وعندنا إن امتنع عن اللعان يحد للقذف، كقاذف الأجنبي إذا امتنع عن إقامة البينة.
ويجوز للزوج أن يلاعن مع القدرة على إقامة البينة؛ لأن في اللعان مقاصد ليست في البينة، وذلك: أنه يتعلق باللعان خمسة أحكام: سقوط حد القذف عن الزوج، ووجوب حد