للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والثاني: تستحق؛ وهو قول عمر، وعثمان، وابن مسعود، وأم سلمة- رضي الله عنهم- ومذهب مالك.

واختلافُ القَوْلَيْنِ مِنْ حديثِ فُرَيْعَة بنْتِ مَالكٍ أخت أبي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ- رضي الله عنهم- قُتِلَ زَوْجُهَا، قَالَتْ: فَسَأَلْتُ رَسُولَ الله- صلى الله عليه وسلم- أَنْ أَرْجِعَ إِلَى أَهْلِي؛ فَإِنَّ زَوْجِي لَمْ يَتْرُكْنِي فِي مَنْزِلٍ يَمْلُكُهُ، فَقَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم- "نَعَمْ" فَانْصَرَفْتُ حَتَّى إِذَا كُنْتُ فِي الحُجْرَةِ، أَوْ فِي المَسْجِدِ دَعَانِي، فَقَالَ: "امْكُثِي فِي بَيْتِكِ، حَتَّى يَبْلُغَ الكِتَابُ أَجَلَهُ".

واختلفوا في تنزيله: قيل: لم يوجب في الابتداء، ثم أوجب؛ فصار الأول منسوخاً.

وقيل: أمرها بالمكث في بيتها أمر استحباب لا وجوب.

أما المعتدة من غير فرقة النكاح؛ كالموطوءة بالشبهة، وبالنكاح الفاسد-: فلا سكنى لها، وسكنت حيث شاءت.

أما النفقة والكسوة: فإن كانت حائلاً-: لا تستحقها.

وإن كانت حاملاً-: فقولان؛ بناءً على أن النفقة في المطلقة للحامل للحمل أو للحامل؟ وفيه قولان:

أصحهما: أنها للحامل؛ لقول الله تعالى: {وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ} [الطلاق: ٦]، أضاف النفقة إليهن إلا أنه اختص بحالة الحمل؛ لأن الزوج مستمتع برحمها في حالة الحمل؛ فصار كصلب النكاح؛ والدليل عليها: أنها تتقدر بحالها، ولها المطالبة والإبراء.

والقول الثاني: أنها للحمل؛ بدليل أنها لا تستحق في حال الحيال.

فإن قلنا: للحامل-: فلا تستحقها الموطوءة بالشبهة، والنكاح الفاسد، والمفسوخة نكاحها بالعيب والغرور.

وإن قلنا: للحمل: فلهن النفقة، فحيث قلنا: لا سكنى للمعتدة: إما من وطء الشبهة، أو في عدة الوفاة على أحد القولين، فتبرع الزوج أو الوارث بها-: أسكنها حيث شاء؛ صيانة لمائه، وحفظاً لنسبه.

<<  <  ج: ص:  >  >>