وإن قلنا: لا يتداخلان- نظر: إن كانت لا ترى الدم على الحبل، أو كانت ترى الدم، وقلنا: ليس ذلك بحيض-: فعليها أن تعتد بعد وضع الحمل بثلاثة أقراء، وللزوج مراجعتها قبل وضع الحمل، ولا يجوز بعده؛ لأنها في عدة الوطء، وإن كانت ترى الدم على الحبل، وجعلناه حيضاً-: فالأقراء محسوبة عن عدة الوطء، وللزوج الرجعة إلى أن تضع الحمل، فإن وضعت الحمل قبل انقضاء الأقراء-: أتمت ما بقي من عدة الأقراء، ولا رجعة فيها، أما العدتان من شخصين-: فلا يتداخلان.
وعند أبي حنيفة، ومالك: يتداخلان.
بيانه: امرأة في عدة رجل من نكاح أو وطء شبهة، ثم وطئها رجل آخر بشبهة، أو نكحها، فوطئها جاهلاً بالحال، فقد اجتمع عليها عدتان: عدة من الأول، وعدة من الثاني، فعليها أن تعتد من كل واحد منهما.
روي عن عمر- رضي الله عنه- أنه حكم بذلك، ولأنهما حقان مقصودان لآدميين؛ فلا يتداخلان كالدينين، وفي العدة معنى العبادة، والعبادتان لا تتداخلان؛ كالصومين والصلاتين، ثم لا يخلو: إما أن يكون بها حمل أو لم يكن: فإذا لم يكن بها حمل-: يجب عليها أن تكمل عدة الأول، ثم تستأنف العدة من الثاني، ثم إن كان الثاني وطئها بشبهة-: فمن وقت التفرق عن ذلك الوطء يتبنى على عدة الأول ثم تستأنف من الثاني.
وإن كان الثاني نكحها، فما دامت في فراش الثاني-: لا يكون ذلك الزمان محسوباً عن عدة واحد منهما، وإن مضت بها أقراء، ومتى تنقطع عدة الأول؟
المذهب: أنها لا تنقطع، ما لم يطأها الثاني؛ لأن النكاح فاسد لا تصير المرأة به فراشاً، ما لم يوجد الوطء.
وقال الشيخ القفال الشاشي: تنقطع بنفس النكاح؛ لأنها أعرضت عن عدة الأول بالناح، ثم متى تعود إلى عدة الأول؟ فالمذهب أنها تعود إليها من وقت التفريق بينهما.
وقال الشافعي- رضي الله عنه-: من آخر الوطئان، فإذا أكملت عدة الأول-: ابتدأ العدة من الثاني، وإنما قدمنا حق الأول؛ لأنه أسبق، وإن كان طلاق الزوج رجعياً-: يجوز له مراجعتها قبل إكمال عدته، وكما راجعها-: سقطت عدته، وشرعت في عدة الثاني.