والثاني: لا يجوز؛ لأن النفس تعاف منهم، ولو حملت مع نفسها خادماً يخدمها، حرة أو أمة-: ليس للزوج إبدالها إلا برضاها؛ لأنها ألفتها، ويشق عليها مفارقتها، إلا أن يظهر منها خيانة- فللزوج إخراجها وإبدالها بغيرها.
وإذا حملت مع نفسها خادمة-: يجب على الزوج نفقتها وكسوتها، ولا تجب نفقة الخادم إلا ههنا؛ لأنه إن أمر جاريته بخدمتها-: فعليه نفقتها بسبب الملك.
وإن استأجر امرأة تخدمها-: فلا نفقة لها، إنما لها الأجرة.
ولو حملت مع نفسها أكثر من خادم-: فللزوج ألا يرضى بالزيادة على الواحد.
ولو استأجرت امرأة تخدمها-: فلها طلب الأجرة من الزوج، فإن كانت ملكاً لها-: فلا.
ولو قالت: أنا أخدم نفسي؛ فأعطني الأجرة-: له ألا يرىض؛ لأنها تصير مبتذلبة، بخلاف ما لو طلقها في دارها، فلها أن تطلب أجرة السكنى، ولو قال الزوج: أخدمك بنفسي، لها ألا ترضى؛ لأنها تحتشم منه، [وتعني بهذه الخدمة: ما يئول لخاصتها]؛ نحو حمل الماء إلى المستحم، وصب الماء على يدها، وغسل خرق الحيض ونحوها، فأما ما كان من مهن البيت من الكنس والطبخ والغزل: فليس شيء منها على المرأة، ولا على خادمها، سواء كانت مخدومة أو لم تكن، إلا أن تتبرع بشيء منها، بل إصلاح ذلك على الزوج، وإن شاء فعل بنفسه، وإن شاء فعل بغيره.
فَصْلُ فِي تَقْدِيرِ النَّفَقَةِ
قال الله تبارك وتعالى:{لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ} الآية: [الطلاق: ٧].
تقدير نفقة المرأة تختلف باختلاف حال الزوج: فإن كان موسراً-: يجب عليه كل يوم مدان، وإن كان متوسطاً-: فمد ونصف، وإن كان معسراً-: فمد، سواء كانت الزوجة حرة أو أمة، صغيرة أو كبيرة، مسلمة أو ذمية، وذلك لأن الله تعالى أوجب النفقة على قدر حاله، ولم يبين المقدار، فقسناه على ما قدره الشرع من الكفارات، وأكثر ما أوجبه الله تعالى لكل مسكين مدان في فدية الأذى، وأقل ما أوجبه مد في كفارة الجماع [في رمضان. فاعتبرناه بها، وأوجبنا على المتوسط ما بينهما.