أما السكران إذا قتل إنساناً فهو كالعاقل؛ يجب عليه القود على الصحيح من المذهب.
ولو قتل رجلاً، أو أقرَّ على نفسه بالقتل، أو شهد عليه الشهود بفعل القتل، أو بالإقرار، فادعى القاتلُ: أني كنت يوم القتل صغيراً، وقال الولي: كنت بالغاً - فالقولُ قولُ القاتل مع يمينه؛ لأن أحداً لا يخلو عن الصغر، فالأصل بقاؤه.
ولو قال: كنت مجنوناً يوم القتل، نظر: إن عُرفَ به جنون سابقٌ، وإن كان مرة واحدة - قُبِلَ قوله مع يمينه، وإن لم يعرف فالقول قول الولي مع يمينه، يحلفُ أنه كان عاقلاً، ويستحق القود.
ولو أقام الولي بينةً؛ أنه قتله عاقلاً، وأقام القاتل بينة أنه قتله مجنوناً - سقطتا، وحلف القاتل.
فصلٌ
قال الله تعالى:{وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ} الآية [المائدة: ٤٥].
وهذا إخبار ٌ عن حكم التوراة، وقد ثبت ذلك من شرعنا. رُوي عن أنس بن مالك؛ أن الربيع بنت النضر بن أنس - وهي عمةُ أنس بن مالِك - رضي الله عنه - كسرت ثنية جاريةٍ منَ الأنصار، فقال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "كتاب الله القصاصُ؛ فرضي القوم وقبلوا الأرش".