وإذا جرحوه فلا فرق بين أن يكون راحةُ بعضهم لها أرش مقدر دون بعضٍ، وسواء تفرقت جراحاتهم، أو اجتمعت بعد أن يكون الكل قبل الاندمال.
وإن جرح واحد جراحة واحدة، والآخر عشر جراحات فأكثر فالكل سواءٌ في القصاص، وعند العفو لا تجب إلا دية واحدة، وتوزع الدية على عدد رءوسهم لا على عدد جراحاتهم؛ لأنه قد تكون نكاية جراحة واحدة في الباطن أكثر من نكاية جراحاتٍ كثيرة، فلو أراد الوليُّ أن يقتل بعضهم، ويأخذ من الباقين ما يخصهم من الدية يجوز.
وقال الزهري، وابن سيرين: إذا قتل جماعةٌ واحداً لا يقتلون به، بل يختار الولي منهم واحداً فيقتله، ويأخذ من الباقين حصتهم من الدية، ويروي ذلك عن معاذ بن جبل.
وقال ربيعة وداود: إذا قتل الجماعة واحداً - لا يجب القود، وإنما تقتل الجماعة بالواحد بشرائط:
أحدها: أن تكون جناية كل واحد منهم مما يقصد بها القتل، فإن خدش واحدٌ منهم خدشة، وجرح الآخرون فالقصاص على الجارحين دون الذي خدش.
الثاني: أن يكون الكل عامدين، فإن أخطأ بعضهم؛ فلا قود عليهم في النفس.
الثالث: ألا يكون البعض موجباً، حتى لو جرحه جماعة، ثم جاء آخر فحز رقبته - فالقود في النفس على من حز الرقبة؛ لأن حز الرقبة يقطع سراية الجراحات، وعلى الجارحين أروش جراحاتهم، أو القصاص في الطرف على من قطع منهم طرفاً.
الرابع: أن يكون الكل قبل الاندمال، حتى لو جرحه رجلٌ، ثم بعد الاندمال جاء آخر فجرحه فمات - يجب القود في النفس على الآخر، أو كمال الدية، وعلى الأول أرش جراحته.
فلو ادعى الأول اندمال جراحته، وأنكر الولي - فالقول قوله مع يمينه؛ لأن الأصل عدمه، ولو صدقه الولي، وأنكر الجارح الثاني - فالقصاص في النفس ساقطٌ عن الأول بتصديق الولي، ولم يكن له على الآخر إن عفا عن القود إلا نصف الدية، ولا يُقبل قوله على الثاني إلا ببينة تقومُ على الاندمال؛ حينئذٍ يأخذ منه كمال الدية.