فأكل، أو جعله في دنٍّ ماء على الطريق، فشرب منه إنسانٌ؛ فمات ففي القود قولان:
أصحهما: يجب؛ كما يجب على المكرهِ.
والثاني: لا شيء عليه: لا قود، ولا دية؛ لأنه تناول باختياره.
وكذلك لو قال:"كُل"، وفيه شيء من السُّمِّ، ولكن لا يضرن فأكل؛ أما إذا وضعه بين يدي صبي لا يعقل، أو مجنونٍ، فتناول؛ فمات - يجب القودُ؛ كما لو قال لصبي: اقتل نفسك؛ فقتل - يجب القود على الآمر.
ولو جعل السم في طعام غيره، فأكله صاحب الطعام جاهلاً فمات - فقد قيل: هو كما لو أضافه؛ فوضع بين يديه وقيل لا قود ولا دية على الفاعل؛ لأنه لم يُغره، إنما أتلف طعامه بإدخال السم فيه، فيغرم قيمةَ الطعام، ولو وجعل السم في طعام نفسه، فدخل رجلٌ داره بدون إذنه [فأكله]، فمات فلا شيء عليه؛ لأنه لا صُنع له في إهلاكه.
ولو أنهشه حيةً، أو عقرباً، أو أخذ ذنبها فقربها منه: ضغطها، أو لم يضغطها؛ فلدغته، فمات - يضمن ثم ينظر: عن كانت مما تقتل [غالباً] مثل أفاعي مكة، وعقارب نصيبين يجب القودُ.
وإن كان لا يقتل غالباً فقولان:
أصحهما: يشبه عمدٍ، وفيه قول آخر: يجب به القود؛ لأنها تجرح، والجراحة، وإن صغرت: إذا حصل منها الهلاك - يجب به القود؛ وكذلك لو أخذ سبعاً مما يُقتل به غالباً فأنهشه، أو جعله معه في وعاءٍ فقتله - يجب القود.
ولو حبسه في بئرٍ، أو في بيتٍ فيه حياتٌ، وعقارب؛ ربطه، أو لم يربطه، فلسعته حيةٌ، أو عقربٌ؛ فمات - لا يجب الضمان، سواء كان الموضع ضيقاً، أو واسعاً؛ لأن الحية، والعقرب تهرب منه الآدمي فهو لم يُلجئها إلى قتله، إنما قتلته باختيارها؛ كما لو أمسك إنساناً حتى قتله آخر - لم يجب القصاص على الممسك؛ بل يجب على القاتل، وكذلك لو ألقى