وقال أبو يوسف: لا قود على المكره، ويجب على المكره.
فإن قلنا: يجب القود على المكره؛ فإذا عفا تجب الدية عليهما نصفان [وهو الأصح] فلو أراد الولي أن يقتص من أحدهما، ويأخذ نصف الدية من الآخر له ذلك.
وإن قلنا: لا قودَ على المُكره ففي وجوب الدية عليه وجهان:
أحدهما: وهو الأصح عندي: لا دية عليه كما لا قود عليه؛ لأنه كالآلة.
والثاني: يجبُ عليه نصف الدية؛ لأن الدية لا تسقط بالشبهة، والقصاص يسقط بها، والإكراه شبهة.
فإن قلنا: تجب الدية عليه - تجب الكفارة، ويتعلق به حرمان الميراث.
وإن قلنا: لا دية عليه - ففي وجوب الكفارة وجهان:
أصحهما: وجوبها: فإن أوجبنا الكفارة عليه - تعلق به حرمان الميراث، وإلا فوجهان.
ولا فرق بين أن يكون المكرِهُ سلطاناً، أو ولياً، أو متغلباً، يخوفه بعقوبةٍ لا طاقة له بها، ويمكنه تحقيقُ ما توعده به.
فإن كان: يخوفه بما لا يمكنه تحقيقه وأمكنه الخلاص منه بالسلطان - فلا يكون تخويفه إكراهاً، ويجب القود على الفاعل دون المخوف؛ كما لو أمره واحد من الرعية بقتل إنسان، فقتل - يجب القود على القاتل دون الآمر.
وعند أبي حنيفة: الإكراه لا يكون إلا من السلطان، ولو أكره عبدٌ حراً على قتل عبدٍ، أو أكره ذمي مسلماً على قتل ذمي فقتله - يجب القود على المكره، ولا يجب على المكره.
ولو أكره حرٌّ عبداً على قتل عبدٍ، أو أكره مسلمٌ ذمياً على قتل ذمي - لا قود على المكرهِ، وفي المكره قولان: إما الدية؛ إن قلنا: لا شيء على المكره، وكلها من مال المكره.
وإن قلنا: تجب الدية على المُكرَهِ - فنصفها في مال المكره، ونصفها في رقبة العبد؛ إن كان المكره عبداً.
ولو أكره الأبُ أجنبياً على قتل ولده لا قود على المكره، وفي المكره قولان، وإن كان المكره أباً، والمكره أجنبياً - يجب القود على المكره، ولا يجب على المُكره.