للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

نصف الدية على عاقلة المكرَهِ، ونصفها على عاقلة المكرِهِ.

ولو أكرهه أن يرمي إلى سترٍ، ووراءهُ إنسانٌ يعرفه المكرِهُ دون المُكرَهِ، أو أكرههُ على أن يقطع حزمة وتحتها إنسان يعلمه المكرِهُ دون المكرَهِ - تجب نصفُ الديةِ في مال المُكرِهِ، ونصفها على عاقلة المكرَهِ.

قال الشيخ - رحمه الله-: هذا صحيحٌ على قولنا: إن المُكرَهَ مؤاخذٌ بالضمان.

فأما إذا قلنا: لا ضمان على المُكرَهِ فيجب له على المكرِهِ.

قال الشيخُ: وينبغي أن يقال: ههنا يجب القود على المُكرِهِ، أو كمالُ الدية، ولا شيء على المُكْرَهِِ؛ لأنه جاهلٌ يظنُ أن ذلك الفعل مباحٌ له؛ فكان كالآلة؛ فصار كما لو أمر صبياً لا يعقل، أو عبداً أعجمياً يقتل إنساناً يجب القود على الآمر، ولا شيء على الفاعل، وكالسلطان إذا أمر بقتل إنسانٍ ظلماً، والجلادُ يظن أنه يقتله بحق - لا شيء على الجلاد، والضمانُ على الإمام.

ولو أكره زيدٌ عمراً على أن يُكرهَ خالداً على قتل بكرٍ؛ ففعل - يجب القود على زيدٍ، وفي المكرهين قولان.

ولو أكرهه؛ فقال: إن قتلت نفسكن وإلا قتلتُك، أو أكرهه على شُرب سُمِّ قاتلٍ، ففعل - هل يجب القودُ على المكرهِ؟ فيه قولان:

أحدهما: يجب للإكراه.

والثاني: لا؛ لأنه باشر قتل نفسه.

فإن لم نوجب القود - فلا دية عليه، وإن أوجبنا القود، فإذا عفا:

قال الشيخ - رحمه الله-: عليه كل الدية؛ إن قلنا: لا ضمان على المُكرهِ فإن أوجبنا الضمان على المُكرَهِ - فعليه نصفُ الدية.

ولو أكرهه على أن يرقى شجرةً، أو صعوداً، أو ينزل، فزلقت رجلُهُ واندفَّت عنقه - فهو عمدُ خطإٍ؛ يجب الدية على عاقلة المكرِهِ.

فإن أمر بغير إكراهٍ فلا ضمنا على أحدٍ.

وإن أمره السلطانُ: فإن قلنا: أمره يكون إكراهاً - فالضمان على عاقلته، إن أمره لخاصٍّ نفسهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>