قال الشيخ - رحمه الله - إذا قلنا: إنه إذا أذن له في قتله، فقتله - لا دية عليه-: ههنا لا تجب.
وإن قلنا: ثم تجب الدية - فههنا: على وجهين؛ بناء على أن المُكره هل عليه الدية؟ فيه قولان:
إن قلنا: تجب ههنا نصف الدية على القاتل، ولو قال: إن قتلت عبدي، وإلا قتلتك، أو إن قطعت يدي ولا لأقطعن يدك، أو لأقتلنك، ففعل - لا يجب الضمان على المكره؛ لأنه لو أذن له في غير إكراه - لا يجب.
ولو قال لآخر: اقذفني، فقذفه، فقد قيل: لا حد عليه؛ لان الحق له، كما لو قطع يده بإذنه - لا قود عليه، والصحيح أنه يجب الحد؛ بخلاف القطع؛ لأنه قد يستعين بالغير في القطع، فإذا قطع يده بإذنه - فكأنه استعان به في قتل نفسه، ولا يستعان بالغير في القذف [فإذا قطع يده فان القذف] فكأن القاذف مبتدئاً.
فصل [في إتلاف الطرف عمداً أو خطأ أو شبه عمد]
يتصور في إتلاف الطرف العمد المحض، والخطأُ المحض، وبه العمد، كما في إتلاف النفس.
فالعمد والخطأ لا يشتبه.
أما شبه العمد مثلُ: إن ضرب رأسه بإصبعه، أو بعصا صغيرةٍ لا تشج غالباً، فأوضحه - فهو شبه عمد؛ لا يجب به القود، ويجب أرش موضحة مغلظة على العاقلة.
أما إذا فقأ عينه بإصبعه - يجب القود؛ لأن الإصبع في فقء العين - يعمل عمل السلاح في غيرها، فيفقأ عينه قصاصاً.
وقد تكون [العصا] الصغيرة عمداً محضاً في الشجاج، وتكون [في النفس] شبهُ