فإن قلنا: يُحسب - فلا ضمان على المقذوف، وإن قلنا: لا يحسب - يجب القود على المقذوف، إن جلده بغير إذنه، وإن جلده بإذنه - فلا قود، وفي الدية قولان؛ كما لو قتله بإذنه.
فصل
يجوز التوكيل بإثبات القصاص، وحد القذف، وهل يجوز [التوكيل] باستيفاءها [حد] واحدٍ منهما؟ - نُظر:
إن كان بحضرة الموكل يستوفي - يجوز.
وإن كان بغيبته - فيه قولان:
أصحهما: يجوز؛ كالإمام ينيب من يستوفيه، وكالتوكيل في استيفاء الدية؛ يجوز.
والثاني: لا يجوز؛ لأنه ربما يعفو في الغيبة، فيستوفيه الوكيل بعد عفوه، ولا يشعره، ولا يمكن تداركه؛ بخلاف المال يجوز التوكيل في استيفائه، وإن كان يسقط بالإبراء؛ لأنه إذا اخذ بعد الإبراء - يمكن تداركه باسترداده، أو استرداد عوضه.
ومن أصحابنا من قال: يجوز قولاً واحداً؛ كما لو ثبت عليه القصاص بالشهود - جاز الاستيفاء بغيبة الشهود، وإن احتمل رجوعهم.
وحيث قال الشافعي: - رضي الله عنه- "لا يستوفي إلا بحضرته" استحباباً، ثم سواء قلنا: يجوز، أو لا يجوز: فإذا استوفى الوكيل - كان مستوفياً حقه؛ لأنه استوفاه بإذنه؛ من وكل ببيع سلعة وكالةً فاسدةً، فباع الوكيلُ - يصح البيع، وإن جوزنا فتنحي به الوكيل، فعفا الموكلن وقتله الوكيل- نظر:
إن كان عالماً بعفوه - عليه القود، وإن كان جاهلاً - فلا قود عليه، وهل تجب الدية؟ فيه قولان:
أحدهما: لا تجب؛ لأن القتل كان مباحاُ له في الظاهر.
والثاني: وهو الأصح، اختيار المزني - يجب؛ لأنه ظهر أنه قتله وهو محرم القتل.
فإن قلنا: تجب الدية، فهي مغلظة، وهل هي في ماله، أو على عاقلته؟ فيه وجهان:
أصحهما: قاله أبو إسحاق: في ماله؛ لأنه عمد القتل الحرام.
والثاني: قاله ابن أبي هريرة -: على العاقلة؛ لأنه خطأ في الحقيقة، فلو أوجبنا الدية