للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

نصيبه من الدية؟ فيه قولان:

أحدهما: يأخذه من الابن القاتل، لأنه استوفى حقه مع حق نفسه ما لو أودع عند إنسانٍ وديعةً، ومات عن اثنين، فأتلفها أحدهما، رجع الآخر بقيمة حصته على أخيه المتلف، لا على المودع، والنصف الذي وجب القاتل - صار قصاصاً بالنصف الذي وجب عليه.

والقول الثاني: وهو الأصح واختاره المزني-: أن الابن الذي لم يقتل - يرجع بنصيبه من الدية في تركة قاتل الأب؛ كما لو قتله أجنبيٌّ لا يكون حقه على الأجنبي، بل يكون في تركة قاتل الأب؛ بخلاف الوديعة؛ لأنها لم تكن مضمونة على المودع؛ بدليل أنها لو تلفت في يده - لم يلزمه ضمانُها، ولو أتلفها أجنبي - كان الضمان على المتلف، وههنا: نفس قاتل الأب مضمونةٌ؛ بدليل أنه لو مات أو قتله أجنبي - كانت الدية للاثنين في تركته.

فإن قلنا: يرجع الابن الذي لم يقتل على الابن القاتل، فلو أنه أبرأ وارث قاتل الأب عن حقه -لم يصح الإبراء؛ لأنه لا شيء له عليه، ولو أبرأ الابن القاتل - يبرأ، ولو عفا وليُّ قاتل الأب الابن القاتل عن الدية - لا يسقط حق الابن الذي لم يقتل، وهل يصح عفوه عن نصف الدية الذي ثبت له على الابن القاتل؟ يبنى على أن التقاص في الديتين - هل يقع بنفس الوجوب؟ [وفيه قولان:

إن قلنا: يقع بنفس الوجوب]- فالعفو لغوٌ؛ لأنه ثبت لكل واحدٍ على الآخر نصف الدية، وقد تقاصا.

وإن قلنا: لا يقع التقاص بنفس الوجوب حتى يتراضيا، فعفو الولي عن نصف الدية الذي ثبت له على الابن القاتل - صحيحٌ، وللابن القاتل نصف الدية في تركة قاتل الأب، وإن قلنا: بالقول الأصح؛ إن الابن الذي لم يقتل - يرجع بنصيبه من الدية في تركة قاتل الأب-: فقد ثبت لولي قاتل الأب على الابن القاتل ديةٌ تامةن وثبت له في تركة قاتل الأب نصف الدية، فالنصف بالنصف: يتقاصان، ويرجع وليُّ قاتل الأب عليه بنصف الدية، فلو أبرأ الابن الذي لم يقتل أخاه - لا يصح الإبراء؛ لأنه لا شيء له عليه، ولو أبرأ وارث قاتل الأب - يبرأ، ولو عفا وارثُ قاتل الأب عن الدية: إن قلنا: يقع التقاص بنفس الوجوب صح عفوه عن نصف

<<  <  ج: ص:  >  >>