أحدهما: لا؛ كما لو أقام جلد الزنا على نفسه بإذن الإمام، أو حد القذف بإذن المقذوف - لا يسقط الحد عنه [و] كما لو قبض المبيع من نفسه بإذن المشتري لا يحصل القبض.
والثاني: يسقط؛ لأن المقصود من القصاص إفاتة المحل بإذن المستحق، وقد وجدوا المقصود من قبض المبيع إزالة يد البائع، ولم توجد.
قال شيخنا الإمام - رحمه الله - ولو قطع السارق يد نفسه بإذن الإمام - سقط وإذا قال: أنا أقطع من نفسي - هل يمكنه الإمام؟ وجهان:
أحدهما: لا؛ كالقصاص.
والثاني: بلى؛ لأن المقصود منه التنكيل بتنقيص البطش، ويحصل ذلك بفعله؛ بخلاف القصاص؛ لأنه للتشقي، ولا يحصل بفعله. أهـ.
باب القصاص بغير السيف
قال الله تعالى:{فَمَنْ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ}[البقرة ١٩٤]، وروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم [قال]-: "من حرق، حرقناه؛ ومن غرق غرقناه".
القتلُ نوعان موحٍ وغير موحٍ، فالموحي مثلُ أن يضربه بسيفٍ أو بمحددٍ [فيجهز قتله-[يُقتل] بمثله، ولك لو ضربه بمثقل، أو خنقه، أو غرقه في ماء، أو ألقاه في نار، أو رماه من شاهق، أو حبسه بلا طعام حتى مات - يجوز الاستيفاء بمثله، والأولى: أن يقتله بالسيف، وعند أبي حنيفة: لا يستوفيه إلا بالسيف، ويتحقق الخلافُ معه [في التحريق]؛ لأنه لا يوجب القود في القتل بغير المحدد إلا في التحريق؛ والدليل عليه: ما رُوينا عن أنسٍ؛ أن يهودياً رضخ رأس جاريةٍ بالحجارة، فأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - فرضخ رأسه