للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تسعة أعشار دية النفس، وإن قلنا: لا تصح - فلا تحط، ويجب عليه دية النفس كاملة؛ وكذلك: لو عفا المجني عليه عن قطع الإصبع، وعن سرايته قوداً وعقلاً.

فإن سرى إلى الكف - يجبُ عليه أربعةُ أخماس دية يدٍ، وإن سرى إلى النفس - فهل تسقط دية الإصبع-: فعلى قولي جواز الوصية للقاتل، ولا تسقط تسعة أعشار دية النفس؛ لأنه عفا عنها قبل الوجوب، والعفو عما لا يجب - لا يصح، هذا إذا عفا بلفظ العفو أو بلفظ الإبراء، أما إذا قال بلفظ الوصية: أوصيتُ لك بضمان هذه الجناية، وما يحدث منها براءٌ عن ضمان السراية على قولنا: إن الوصية للقاتل تصح؛ إذا خرج من الثلث، لأن الوصية تكونُ بعد الموت، وذلك يقبل من الغرر ما لا يقبله العفو والإبراء في الحياة؛ ألا ترى أنها تصح بالمعدوم وللمعدوم، وقيل: إن قال بلفظ الإبراء والعفو-: فهو - أيضاً - وصيةٌ، بدليل أنه يعتبر من الثلث؛ فيبرأ عن ضمان السراية، إذا خرج عن الثلث، على قول جواز الوصية للقاتل، والأول أصح؛ وكل موضع جوزنا العفو عن الدية عند السراية إلى النفس - فيكون معتبراً من الثلث، فإن خرج كله من الثلث- سقط كله؛ وإلا فبقدر ما خرج من الثلث.

[إذا تقابل رجلان، فقتل كل واحد منهما صاحبه - قال رحمه الله: يجب على كل واحد منهما ديةٌ صاحبه؛ فيتقاصان، وإن مات أحدهما - والآخر حيٌّ، وبه جرحات - فلورثة القتيل القودُ، وفي تركة القتيل أروشُ جراحات الحي، فإن عفوا عن القتل: فإن كانت أروش الجرحات لاتزيد على الدية - تقاصا، وإن كانت الدية أكثر - أخذت الزيادة من مال الحي، وإن زادت أروش الجراحات - أخذت الزيادة من تركة القتيل، وإن تجارحا، وقال كل واحد: إن صاحبي كان قاصداً، وأنا كنت دافعاً - حلف كل واحد منهما؛ أنه ما قصد صاحبه؛ فإذا حلف - وجب على كل واحدٍ منهما أنه ما قصد صاحبه، فإذا حلف - وجب على كل واحد منهما ضمان جرحه؛ لأن الجرح موجودٌ، ولم يثبت كونه دافعاً].

ولو جنى عبد على حرَّ خطأ أو جناية موجبة للمال، فعفا المجني عليه عن أرش الجراحة، ثم مات بالسراية، أو كان العفو في مرض آخر، مات منه - فهل يصح العفو؟ هذا يبنى على أن أرش جناية العبد يتعلق برقبة العبد أم يتعلق بذمته، ورقبته مرتهنةٌ؛ حتى يتبع بالفضل، إذا عتق فيه قولان:

<<  <  ج: ص:  >  >>