وعن عثمان: أنه قضى في امرأةٍ وطئت بالأقدام بمكة بدية وثلثٍ.
دية الخطإ في النفس والجراح تغلظ بالسن، وتلحق بشبه العمد في ثلاث مواضع:
أحدها: أن يقتل أو يجرح في حرم "مكة".
الثاني: أن يقتل في الأشهر الحرم، وهي أربعة أشهر: ذو القعدة، وذو الحجة، والمحرم، ورجبٌ.
والثالث: أن يقتل ذا رحم محرماً من القرابة.
لتعظيم هذه الحرمات، وتأكيد الشرع أمر القتال فيها.
قال الشيخ رحمه الله: وفي حرمة الحرم فيها، سواءٌ كان القاتل في الحرم أو المقتول - تغلظ؛ كما في جزاء الصيد: لا فرق بين أن يكون الصائد في الحرم أو الصيد.
وعند أبي حنيفة: لا تغلظ بهذه الأشياء، ولا تغلظ لشهر رمضان؛ لأنها ليست من الأشهر الحرم، ولا بسب الإحرام؛ لأن حرمة الإحرام غير متأبدة، ولا بحرم المدينة؛ لأن صيدها غير مضمون بالجزاء؛ على ظاهر المذهب.
وقيل: يغلظ بحرم المدينة؛ لأن صيدها حرامٌ.
ولا يغلظ بمحرمية الرضاع والمصاهرة.
وكيفية التغليظ: أن نوجب فيه ما نوجب في العمد: ثلاثين حقةً، وثلاثين جذعة، وأربعين خلفةً، وعند عدم الإبل: تجبُ قيمتها في الجديد، وفي القديم: يرجع إلى بدلٍ مقدر؛ فعلى هذا: هل يُزاد بسبب التغليظ؟ فيه وجهان:
[أحدهما]: يزاد الثلث؛ فإن كانت الحرمةُ واحدةً - فتجب فيها ديةٌ وثلث: ستة عشر ألف درهم، أو ألف دينار وثلثمائة وثلاثة وثلاثون وثلث؛ في ثلاث سنين؛ كما قضى فيه عمر وعثمان - رضي الله عنهما-.
والثاني: لا يزادُ، ويسقط التغليظُ؛ لأن التغليظ في الأصل يكون بالصفة، لا بزيادة العدد، وكذلك: لا تؤخذ في الدراهم والدنانير؛ ألا ترى أن العبد لما لم تجب في بدله الإبلُ