للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

هدرٌ، ودية المصدوم على عاقلة الصادم، وقال فيما إذا كان قاعداً أو نائماً في طريق، فعثر به ماشٍ، وماتا: إن دم النائم والقاعد هدرٌ، ودية الماشي على عاقلة النائم والقاعد، فمن أصحابنا من جعل فيهما قولين.

أحدهما: دم الصادمين هدر، ودم المصدومين على عاقلة الصادمين، لأن المشي مباح له في الطريق، بشرط السلامة؛ كالأعمى إذا خرج بلا قائد، فوقع على مال إنسان، فأتلف - يجب عليه الضمان.

والثاني: دم المصدومين هدرٌ، ودية الصادمين على عاقلة المصدومين؛ لأن الطريق للمشي فيه، وليس للوقوف والقعود والنوم، فمن فعل شيئاً منها - يكون بشرط السلامة.

ومنهم من فرق بينهما، وقال في الوقوف: دم الصادم هدرٌ، وفي النوم والقعود: دم المصدوم هدرٌ؛ وهو الأصح، والفرق: أن الطريق كما هو محل للمشي - فهو محل للوقوف؛ فإن الماشي قد يحتاج إلى الوقوف؛ لانتظار رفيق أو إجابة داعٍ أو متكلم يتكلم معه - فلم يكن بالوقوف مفرطاً؛ فضمن الصادم ديته، وليس محل الجلوس والنوم؛ فجعل نفسه به عرضة للهلاك، وصار جانياً على أخيه؛ فضمن دية الصادم.

هذا، إذا لم يوجد من جهة الواقف فعلٌ، فإن وجد من فعلٌ؛ بأن انحرف إليه كما بلغه الماشي، فصدمه في حال انحرافه، فماتا - فهو بمنزلة ماشيين اصطدما؛ سواءٌ كان في ملكه أو في طريق واسع أو ضيقٍ - فنصف دية كل واحدٍ هدرٌ، ونصفها على عاقلة الآخر.

وإن لم يكن تحرفه إليهن بل تحرف مولياً عنه - فالصادم هو الماشي، وهو كما لو كان قائماً - لم ينحرف.

والعراقيون من أصحابنا قالوا: إذا كان واقفاً أو نائماً في طريق ضيق، فصدمه أو عثر به ماش، وماتا - يجب على عاقلة كل واحد منهما كمال دية الآخر؛ لأن الواقف والنائم في الطريق الضيق مفرط؛ فكان سبباً لقتل صاحبه، والماشي باشر قتله بالصدم؛ فضمن كل واحد دية الآخر.

وما ذكر في "المختصر": أن دم الصادم هدرٌن وعلى عاقلة دم المصدوم: أراد به [إذا] كان واقفاً في ملكه أو في طريق واسعٍ.

قال الشيخ رحمه الله:

<<  <  ج: ص:  >  >>