صحراء، أو ليس هناك أحد، أو في سوق، أو في محلة أهلها أعداء له؛ غير أنه يخلطهم غيرهم، أو في قرية أهلها أعداءٌ له؛ ولكنها على قارعة الطريق، ينظر إليهم غيرهم، فادعى الولي على واحد، وأنكر المدعى عليه- فالقول قول المدعى عليه مع يمينه، وكم يحلف؟ فيه قولان:
أصحهما يحلف خمسين يميناً؛ لعظم حرمة الدم؛ كما يحلف المدعى عند وجود اللوث خمسين يميناً.
يؤيده: أن التغليظ في القسامة بحرمة الدم، لأجل اللوث، وتأثير اللوث في البداية بجانب المدعي؛ بدليل أن المدعي إذا نكل، حلف المدعى عليه خمسين يميناً، وإن لم يكن في جانبه لوث: فإذا كان التغليظ بحرمة الدم - فهي موجودة ههنا.
والثاني- وهو اختيار المزني -: يحلف يميناً واحدةً؛ بخلاف ما لو ان هنا لوث؛ لأنه يخالف سائر الأحكام في البداية بجانب المدعي؛ فيخالفها في عدد الأيمان، وعند عدم اللوث تلحق بسائر الأحكام، وفي البداية بيمين المدعى عليه، وكذلك في عدد الأيمان.
فإن نكل المدعى عليه عن اليمين - يحلف المدعي بعدد أيمان المدعى عليه؛ على اختلاف القولين، وإذا حلف - ثبت القود؛ إذا كان يدعي قتلاً موجباً للقصاص، لا يختلف القول فيه؛ لأن يمين المدعى بعد نكول المدعى عليه- بمنزلة البينة أو بمنزلة الإقرار من المدعى عليه، وبكل واحد يثبت القصاص.
ولو ادعى على رجلين، وله على أحدهما. لوث دون الآخر - يحلف المدعي على الذي عليه اللوث خمسين يميناً، وفي استحقاق القود قولان؛ إن كان يدعي قتل عمدٍ، والذي لا لوثعليه - يحلف في قول خمسين يميناً، وفي الثاني يميناً واحدة، فإن نكل - حلف المدعي، واستحق عليه القود؛ وإن كان يدعي قتل عمد قولاً واحداً.
ولو ادعى قتلاً، وثَمَّ لوث، ونكل المدعي عن اليمين يحلف المدعي عليه، وكم يحلف؟ قيل: فيه قولان، لأن اللوث قد بطل ههنا بنكول المدعي.
والصحيح من المذهب: أن المدعى عليه. ههنا يحلف خمسين يميناً قولاً واحداً؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال في قتيل خيبر: تبرئكم يهود بخمسين يميناً؛ جعل أيمان المدعى عليهم بعدد أيمان المدعين.