الفقير؛ لأن الغنى أمرٌ غير مستبعد؛ فإن المال غادٍ ورائحٌن والإنسان يحدث نفسه أبداً بالغنى، وقد يكون فقيراً في أول الحول، فيصير غنياً في آخره؛ فيكون متهماً في شهادتهن والبعيد لا يلزمه غلا بعد موت الأقربين، والموت أمرٌ مستبعد في عرف الناس، فلما كان الخلوص إليه بأمر مستبعد - لم يورث تهمةً في شهادته، فقُبلت.
وكذلك: لو شهد شاهدان على مفلس بدين، فشهد غرماء المفلس - بجرح الشاهدين -لا تقبل؛ لأنهما يدفعان بشهادتهما مزاحمة الغريم عن أنفسهما.
وكذلك: لو شهد الضامن بأن المضمون له أثر مضمون عنه عن دينه- لا تقبل؛ لأنه يثبت به براءة ذمة نفسه، والله أعلم بالصواب.
باب: حكم الساحر
قال الله تعالى:{وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ}[البقرة: ١٠٢]. السحرُ: له حقيقةٌ عند عامة أهل العلم، ويتصور أن يفعل الساحر بسحره ما يصل به ضرره على غيره؛ قال الله تعالى:{فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ}[البقرة:١٠٢] وقد سُحر النبي - صلى الله عليه وسلم - فاشتكى أياماً يُخيل إليه أنه فعل الشيء، وما فعله، حتى أوحى غليه؛ أنه سحره فلانٌ اليهودي في بئر كذا، فذهب غليه فاستخرجه، فبرأ.
فإذا ثبت أن له حقيقة - فتعليمه وتعلمه وفعله-: حرامٌ، فإذا قال الرجل: أنا ساحرٌ - يقال له: صف السحر: فإن وصفه بما هو كفرٌ - فهو مرتدٌ؛ يقتل، وإن وصفه بمالا يفهم - ينهى عنه، فإن عاد إليه - يُعزر، وإن وصفه بما ليس بكفر؛ غير أنه اعتقد إباحته أو اعتقد أن قلب الأعيان إليه فهو كافرٌ يستتاب، فإن تاب؛ وإلا - قُتلَ، وإن لم يعتقدهن فتعلمه - لا يكون كفراً؛ وإن كان حراماً.
وعند مالك - رحمه الله-: هو كالزندقة، [حتى لو قال: أنا أحسن السحر، ولا أعمل - فقد اعترف بالزندقة]، ولا تقبل توبته، [ويقتل].
فنقول: أجمعنا على أنه لو قال: أنا أحسن الكفر، أو الزنا - لا يجعل كافراً ولا زانياً؛ كذلك ههنا.
وإذا سحر إنساناً، فمات: فإن أقر بأني سحرتهن وسحري يقتل غالباً يجب عليه القود، وعند أبي حنيفة- رحمه الله-: لا يجب القود؛ بناء على أصله، وهو أن القود