فنقولُ: خلق الله تعالى العباد، وكلفهم العبادة، ولم يتركهم سُدى، وبعث إليهم الرسل؛ أئمة يهدونهم على سواء الصراط، ويعلمونهم الشرائع، وختمهم بسيد المرسلين محمد - صلى الله عليه وسلم-، [وعليهم أجمعين]- ثم بعده لم يكن للناس بُدٌّ من راعٍ يرعاهم، ووازعٍ يزعهم، وساعٍ يسعى في إحياء أمر الدين وإقامة السُّنة، وينتصف للمظلومين؛ لما في طباع الناس من التنافر؛ فاتفقت الصحابة - رضي الله عنهم - على خلافة أبي بكر الصديق ثم استخلف أبو بكر بعده عمر، ثم كانت الخلافة بعد عمر لعثمان، ثم لعلي - رضي الله عنهم-، ثم تتابعت الولاة هلم جرا إلى زماننا، فإذا أتى على الناس زمانٌ لم يكن فيه إمامٌ -: يجب على أهل الحل والعقد [منهم] أن يجتمعوا فينصبوا إماماً يقوم بإعلاء كلمة الله تعالى، وأمر الجهاد، ورعاية أمر الرعية، وإقامة الحدود، واستيفاء الحقوق، وإنكاح الأيامى، وغير ذلك، ثم على الناس كافة طاعته في [طاعة] الله، لقوله تعالى:{أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنْكُمْ}[النساء: ٥٩]، وأراد بـ "أولى الأمر": الولاة.
ويشترط فيمن ينصب للإمامة أربع خلالٍ:
العلم، والورع، والشجاعة، والنسب.
ينبغي أن يكون عالماً مجتهداً يهتدي إلى الأحكام، ويعلمها الناس.
ويكون عدلاً؛ لأن الولاية أمانةٌ، والفاسق غير أمينٍ؛ لأنه لا ينظر لدينه، فكيف ينظُرُ لغيره.